Image Credit: Milo Sharafeddine

نظامي أم غير نظامي… ما هو الوضع التعليمي لأطفال اللاجئين في لبنان؟ 

يستضيف لبنان أكبر عدد من اللاجئين وفقًا لتقرير المفوضية السامية للأمم المتحدة  لشؤون اللاجئين الصادر في أوائل عام 2022، مع تقدير الحكومة بـ1.5 مليون لاجئ سوري، بالإضافة إلى حوالي 13,715 لاجئ من جنسيات أخرى.

وذكر التقرير أن الانكماش الاجتماعي والاقتصادي إلى جانب جائحة كورونا وانفجار بيروت، ساهمت جميعها في أن يكون تسعة من كل عشرة لاجئ سوري يعيش في فقر مدقع، كما انخفض عدد اللاجئين السوريين الحاصلين على إقامة قانونية سارية المفعول، مما أعاق وصولهم إلى الخدمات الأساسية والوثائق المدنية وزاد من خطر الترحيل.

في هذه الحالة ما هو وضع التعليم لدى اللاجئين السوريين؟

ذكر تقرير تقييم عوامل الخطر على اللاجئين السوريين لإحصاءات عام 2021 أن فقط 53 في المائة من الأطفال في سن المدرسة، أي من عمر 6 إلى 14 سنة كانوا يذهبون إلى المدرسة في العام 2020-2021، وهو ما يمثل انخفاضًا بنسبة 14 نقطة مئوية من 67 في المائة في عام 2020.

في هذا السياق يشدد العاملون الاجتماعيون على أن هذه النسبة واصلت بالانخفاض في عام 2022 بسبب الأزمات المتتالية التي يعيشها البلاد.

أسباب عدم الحضور 

أما عن أسباب عدم الحضور فدّل التقرير على أنه فيما يتعلق بالأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 3 و17 عامًا، كانت[W1]  التكاليف وتحديدًا تكلفة المواد التعليمية بنسبة 30 في المائة، بالإضافة إلى تكلفة النقل بنسبة 29 في المائة بزيادة قدرها 10 و14 نقطة مئوية على التوالي مقارنة بعام 2020.

وكان الخوف من الإصابة بفيروس كورونا السبب التالي بنسبة 22 في المائة، كما كانت هناك زيادة بنسبة 5 نقاط مئوية في عدد الأطفال غير الملتحقين بالمدارس بسبب العمل من 6 في المائة عام 2020 إلى 11 في المائة عام 2021، فضلًا عن الأسباب الأخرى المذكورة، والتي تتعلق بعدم سماح الالتحاق بالمدارس بنسبة 8 في المائة، أو عدم وجود مكان في المدرسة بنسبة 7 في المائة.

في السياق يقول أحد الأباء من اللاجئين السوريين وهو أب لطفلين: “على الرغم من صعوبة الظروف في المدرسة.. إلا أنني كنت أرسل أطفالي ليتعلموا في السنوات الفائتة، لكن هذه السنة ليست كالفائتة، فقد أصبح كل شيء مرتفع السعر، ولم يعد بمقدرتي تحمّل التكاليف فأوقفتهم عن التعليم”.

تأثير الأزمة الاقتصادية على فرص تعليم اللاجئين

نشط عمل المنظمات غير الحكومية في لبنان في القطاع التعليمي، أي عبر تقديم برامج تعليمية مجانية كبديل بما أن عدد كبير من اللاجئين ليس بإمكانهم الدخول إلى الصفوف التعليمة الرسمية، بالإضافة إلى الحدّ من عمالة الأطفال التي ارتفعت مع ازدياد الأزمات اللبنانية.

في حديث لـ”بيروت توداي” مع المختص في الموضوع التعليمي في المنظمات غير الحكوم محمد الكيال قال, إن بعض المدارس الرسمية في لبنان تُقدم التعليم للاجئين السوريين في فترة بعض الظهر أي دون دمجهم مع اللبنانيين.

وتابع: “على الرغم من أن التعليم المجاني مؤمن في بعض المدارس الرسمية، لكن يجب ألا ننسى أن هناك عوامل عدة مؤثرة، كالقدرة الاستيعابية للمدارس الرسيمة في لبنان، عمالة الأطفال المنتشرة لدى مجتمع اللاجئين، الزواج المبكر، بالإضافة إلى تكلفة المواصلات، والأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد منذ عام 2019”.

وشدد الكيال على أن القطاع التعليمي في المدارس بالتحديد شهد بعد الأزمة الاقتصادية في لبنان عام 2019 نقلة كبيرة بين الطلاب اللبنانيين من المدارس الخاصة إلى الرسمية، مما قلص القدرة الاستيعابية للمدارس الرسمية لاستقبال اللاجئين، وأضاف قائلًا: ” التعليم مجاني للاجئين، لكنه غير مؤمّن”.

البرامج التعليمية غير النظامية المُقدمة من المنظمات غير الحكومية

شرح الكيّال أن هذه البرامج تنقسم إلى نوعين وهما: التعليم المبكر للأطفال وأساسيات القراءة والكتابة والحساب.

يتعلم الأطفال ضمن برنامج التعليم المبكر للأطفال ثلاث سنوات على التوالي، ثم يستطيع أن يلتحق بالصف الدراسي الأول في المدارس النظامي الرسمي، أي مستوى التعليم نوعًا ما متطابق، أما برنامج أساسيات القراءة والكتابة والحساب للأطفال الذين يتراوح أعمارهم بين 8 و14 عامًا، فإنهم يدخلون هذه البرامج ضمن معيار أن يكونوا إما كانوا منقطعين تمامًا عن الدراسة لمدة سنتين أو لم يلتحقوا في مدرسة سابقًا، ويستطيعون أن ينتقلوا أيضًا إلى مدارس نظامية رسمية، لكن قليلًا منهم ما يلتحقون في الصف الدراسي المناسب لعمرهم بسبب المستوى التعليمي.

وعن هدف هذه البرامج قال الكيّال إن: “هدف هذه البرامج هو أن يستطيع التلميذ أن ينتقل من التعليم غير النظامي إلى تعليم نظامي رسمي”.

الانتقال من التعليم غير النظامي إلى التعليم النظامي الرسمي

شدد الكيّال على أن نسبة الأطفال الذين ينتقلون إلى الصفوف الدراسية بعد الانتهاء من البرامج المحددة من الجمعيات قليل جدًا.

وأرجع ذلك إلى أمور عدة أبرزها: حاجة الأطفال للعمل مما يعني عمالة الأطفال عمالة الأطفال، والزواج المبكر بين الفتيات والفتيان، بالإضافة إلى عدم معرفة الأهل بوجود مدارس نظامية توفر التعليم لأبنائهم في المنطقة، وغيرها من الأسباب الأخرى.

استجابة نداء

في المقابل, تُقدم بعض الجمعيات خدمات تعليمية أخرى كمؤسسة “لوياك” التي تُعنى بدعم الشباب من مختلف الجنسيات على الأراضي اللبنانية، حيث أطلقت مشروع قافلة الفن منذ 5 سنوات في  مخيم الفاعور في منطقة البقاع  الذي يعيش فيه عائلات سورية ولبنانية من المجتمعات المُهمشة.

 يهدف المشروع إلى تقديم مواد تعليمية وفنية، وكذلك نشاطات تفاعلية تُنمي مهارات أطفال المخيم الذين يبلغ عددهم حوالي 200 طفلًا تتراوح أعمارهم بين 5 و15 سنة.

في حديث مع العاملة الاجتماعية في “لوياك”، زينب خليل مروة، قالت: “قافلة الفن هي أقرب مدرسة لأطفال مخيم الفاعور التي لا تحتاج لتكلفة مواصلات، كما تُشكل مساحة أمان لهم، حيث نعمل على تقديم برامج تعليمية بطريقة حديثة تستهدف الأطفال الأميين لمساعدتهم على تعلّم كتابة وقراءة اللغة العربية والإنكليزية، بالإضافة إلى صفوف الرياضيات والعلوم”.

وعن أسباب عدم حضور الأطفال لمدرسة رسمية قالت مروة إن تكاليف المواصلات، وعدم استقبال المدارس لبعض الأطفال الذين تخطوا العمر المناسب للصفوف، أي التأخر عن عامهم الدراسي الرسمي، بالإضافة إلى عمالة الأطفال كانت أبرز الأسباب.