وباء كورونا وتأثيره على مجتمعنا

هذا الوباء الخبيث القاتل الذي هو الأكثر فتكاً في هذا العالم، إذ لا يميّز بين صغير وكبير، بين شاب وعجوز أو بين صحيح ومريض. نتيجة تفشّي هذا الوباء في مجتمعنا نخسر يوماً بعد يوم أحباءً عرفناهم وتواصلنا معهم في الأيام الجميلة التي سبقت زمن كورونا. فأضحى هذا المرض مؤثّراً على حياتنا الاجتماعية، حيث لم يعد لكل شخص إمكانية اللقاء بغيره أو حتى التفكير بالجلوس مع الآخر.

هذا الوباء أجبرنا أن ننسى الاحتفالات والمناسبات الاجتماعية والتجمّعات على مختلف أنواعها. لم نعد نقدر أن نجلس على مائدة واحدة مع الأصدقاء والأقارب خوفاً من نقل العدوى القاتلة. كم نحن نحب في مجتمعنا الشرقي اللقاءات والمناسبات خاصةً في الأعياد والواجبات الاجتماعية.

إذ أصبح يسقط الأحبّاء واحدٍ تلو الآخر كسقوط أوراق الشجر في الخريف وهم لم يصلوا الى خريف العمر. وفي هذا الإطار لا بد من القول أنّه يصعب على من يريد التعزية مواساة العائلة وتقديم واجب العزاء وإلقاء النظرة الأخيرة على من نحب.

نعم، هذا الوباء وُجد ليبعد الناس عن بعضها البعض وليكسر سلاسل التواصل وليحرمنا من تقاليدنا وعاداتنا، فيُضحي مجتمعنا مجتمعاً ممزقاً مفكّكاً. أين الندوات والحوارات والتفاعل الحيّ والمباشر مع بعضنا البعض؟ فالأب والأم في عائلتهم لا يستطيعوا إعطاء قبلة المحبّة لأولادهم ولا حتى الأحبّاء تقبيل أحبّائهم، أي أصبحنا في مجتمع بارد يخلو من لقاءات من تربّوا معاً أي الذين جمعتهم زمالة الدراسة أو حتى الذين جمعتهم  رفقة العمر وصحبة الجيرة وأبناء الحي الواحد.

فباتت الوحدانية تسيطر على العيش وإن كانت لهذه الوحدانية ميزة ألا وهي أن يتوحّد كل شخص مع خالق هذا الكون مناجياً له وسائلاً إياه ما هو مصيرنا وما هو مصير مجتمعنا في المستقبل. ومن خلال هذه الوحدانية هناك عودة الى الذات وذلك من خلال مراجعة أفعالنا وتقييم ما أنجزنا وما لم ننجز وتصحيح مسارنا إذا كنّا قد ارتكبنا أخطاءً بحقّ بعضنا البعض.

يجب علينا اليوم معرفة مدى خطورة هذا الوباء، ليس فقط من الناحية الصحّية إنّما أيضاً من الناحية الاجتماعية، حيث أن يكون لنا إرادة صلبة وقوية للتغلّب على هذا المرض الخبيث الفتّاك، قبل كلّ شيء من خلال إيماننا ومن خلال أملنا بغدٍ أفضل لأنّ لكل شيء نهاية في هذه الحياة.

علينا اليوم الانتباه والتنبّه الى أنفسنا والى من نحب ولمن هو أخينا في المجتمع والانسانية  نابذين أنانيتنا لتخطّي هذه المرحلة الصعبة ساعين أن نرى غد أفضل ومتفائلين ببارقة أمل اللقاح مع وصوله الى لبنان.