بعد مرور عام على تفشي فيروس “كوفيد-19″، الذي تسبب بإصابة نحو 70 مليوناً ووفاة أكثر من مليون ونصف المليون حول العالم، لا تزال الدول والمختبرات تسابق الزمن لإنتاج لقاح ضد الكورونا للرجال والنساء والأطفال.
وتشير آخر الإحصاءات إلى أن الأطفال أقل عرضة للإصابة بمضاعفات المرض الوخيمة، إلا أن واجباً عليهم أن يتبعوا الإرشادات نفسها عند الحجر الصحي في حال أصيبوا بالعدوى أو إذا ظهرت عليهم عوارضها، لأنهم يشكلون الخطر الأكبر على المجتمع كونهم ينقلون الفيروس بـ”صمت” إلى أهاليهم ومحيطهم.
هل الأطفال يصابون بالكورونا؟
إن الأطفال كغيرهم يصابون بالفيروس وإن كان بنسبة أقل، ففي تشرين الأول الماضي، ألقى باحثون بريطانيون نظرة على بيانات أكثر من 200 طفل ثبتت إصابتهم بالفيروس التاجي.
ووجد الباحثون أن الأطفال الذين أصيبوا بـ”كوفيد-19″ يظهرون في الغالب الأعراض المتعارف عليها، مثل التعب والصداع والحمى. بينما يصاب البعض أيضا بالسعال أو يفقدون حاسة التذوق أو الشم، كاشفين أن ثلث الأطفال كانوا من دون أعراض تماماً.
وفي لبنان، تؤكد طبيبة الأطفال المتخصصة في الأمراض الجرثومية ريما خنكرلي لـ”بيروت توداي” أن الأطفال أيضاً يصابون بفيروس كورونا، ويعانون من العوارض ذاتها التي تصيب الكبار أحياناً، لاسيما السعال وارتفاع درجات الحرارة وضيق التنفس ووجع في العضلات والجسم والتعب الشديد ووجع في الحلقوم وانعدام حاستي الشم والتذوق، بالإضافة إلى احتقان في المجاري التنفسية وهي السيلان في الأنف أو التهاب في الرئة.
وتقول: “بصفتي كطبيبة التهابات جرثومية صادفت خلال جولتي على المستشفى التي أعمل بها 4 إصابات لأطفال بالكورونا منذ تفشي الجائحة لكنهم تناولوا الأدوية اللازمة وتشافوا”.
ويكشف طبيب الأطفال المتخصص بأمراض الغدد محمد شبو أن منذ انتشار جائحة كورونا لم يعاين اي طفل أصيب بالفيروس، بل يتم ابلاغه هاتفياً أن الأهالي تمت اصابتهم وأولادهم يعانون من عوارض خفيفة أحياناً.
ويقول إن عوارض الفيروس هي ذاتها لدى الأطفال والكبار، وإن كانت بنسبة أقل.
ووفقا لمنظمة الصحة العالمية، فإن البيانات المتاحة حاليا تشير إلى أن الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 18 سنة يمثلون نحو 8.5 بالمئة من الإصابات المبلغ عنها، مع تسجيل عدد قليل نسبيا من الوفيات مقارنة بالفئات العمرية الأخرى، علما أنه عادة ما يكون المرض خفيفا.
وتشير الدكتورة خنكرلي إلى أن الأطفال المصابين بالسكري أو يعانون من مشاكل في القلب أو التنفس أو الربو أو ضعف في المناعة أو الخدج هم أكثر تأثراً بالفيروس إذا أصيبوا به ويعانون من عوارض كثيرة.
الأطفال يحملون الفيروس لمدة 3 أسابيع
وقالت منظمة الصحة العالمية إن فترة حضانة فيروس كورونا في الأطفال هي الفترة نفسها في البالغين، فالفترة الزمنية ما بين التعرض لكوفيد-19 وبدء الأعراض تمتد عادة من 5 إلى 6 أيام، وقد تتراوح بين يوم واحد و14 يوما.
وأعلنت المراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والوقاية منها “سي دي سي” تخفيض فترة الحجر الصحي المخصصة لمن اقترب أو اختلط مع مريض مصاب بفيروس كورونا أو يشك في إصابته بالفيروس من 14 يوما إلى فترة تتراوح من 7 إلى 10 أيام.
وفي 30 آب الماضي أشارت دراسة علمية في كوريا الجنوبية إلى أن الأطفال يمكن أن يحملوا فيروس كورونا في أنوفهم لمدة تصل إلى ثلاثة أسابيع.
الدراسة، التي اعتمدت على عينة شملت 91 طفلا، خلصت إلى أن الأطفال حملوا فيروسات يمكن تشخيصها في أنوفهم، وأشارت إلى أنهم كانت لديهم قابلية نقل الفيروس للأخرين.
إلا أن هذه الدراسة تظل مثل الدراسات الأخرى لا تحسم مسألة نقل فمجرد وجود الفيروس في أنف الطفل لا يثبت بشكل قطعي أنه سينقله إلى البالغين بالمعدل نفسه.
وتوضح الدكتورة خنكرلي أن “فترة حضانة الفيروس عند الأطفال لا تختلف عن الكبار، وتتراوح من 5 إلى 6 أيام منذ التقاط الفيروس حتى ظهور العوارض، واعطت مثالاً: إذا خالط الطفل شخصاً مصاباً فيجب انتظار من تاريخ المخالطة حتى اليوم الرابع عشر فإذا لم تظهر العوارض فإن الطفل لم يصب بالفيروس وقد تأتي نتيجة فحص PCR سلبية”.
صندوق بريد
إن البالغين والمراهقين، بعد حملات التوعية وإجراءات تسكير البلد، يدركون ماذا يفعلون لحماية أنفسهم من هذا الفيروس، تقول الدكتورة خنكرلي، وتشرح أن التباعد الإجتماعي وارتداء الكمامة وغسل اليدين بشكل متواصل وتجنب المصابين يجنب الإصابة بالفيروس، إلا أن الأطفال بطبيعتهم يختلفون عن الكبار، فهم أكثر حركة ولا يطبقون التباعد، والأطفال دون 6 سنوات لا يعرفون كيفية ارتداء الكمامة وأحياناً لا يرتدونها ولذلك فهم أكثر عرضة للإصابة بالفيروس فينقلون العدوى الي محيطهم أو إلى أهاليهم عبر الرذاذ (بالعطس) .
فهل أصبح الأطفال صندوق بريد للفيروس لنقله إلى أهلهم؟ تجيب الدكتورة خنكرلي: “إذا كان الأطفال مصابين بالفيروس فمن الممكن نقل الفيروس إلى الأهالي والجد والجدة.
هل عودة الأطفال إلى المدارس آمنة؟
ولكن هل عودة الأطفال إلى المدارس آمنة في ظل جائحة كوفيد 19؟ وهل فيروس كورونا ينتشر أكثر مع اعادة فتح المدارس أبوابها أمام التلاميذ بعد إغلاق للبلاد استمر في لبنان نحو أسبوعين؟
إن عودة الطلاب إلى صفوفهم محفوفة بمخاطر كبيرة بعد ازدياد أعداد المصابين بالفيروس رغم الإقفال الذي فرضته الدولة “الحائرة” في أي نظرية تطبق، فهل تفرض اقفال المدارس من جديد؟ أو تعتمد مناعة “القطيع”؟ أم تترك الحرية للمدارس ليقرروا مصير تلاميذهم؟ وهل نحن أمام موجة ثالثة؟
وبعد أخذ ورد بين وزارة التربية والتعليم العالي وبين الأهالي الذين لا يريدون عودة أطفالهم إلى المدارس التي فتحت في 30 تشرين الثاني الماضي، توضح الدكتورة خنكرلي أن المدرسة التي تطبق التباعد والبروتوكول الخاص للحماية من الفيروس وبعد اتخاذ الإجراءات اللازمة من تنظيف وتعقيم تستطيع أن تفتح أبوابها أمام تلاميذها غير المصابين بالفيروس مع وجود ممرضة بشكل دائم.
وفيما تؤكد الدكتورة خنكرلي أن احتياطات المدرسة وصحة الأطفال تلعب دوراً مهماً للحماية من كورونا، تشير منظمة الصحة العالمية إلى أنه لم يُبلغ إلا عن عدد قليل من حالات التفشي بين الأطفال أو في المدارس. ومع ذلك، فإن العدد القليل من حالات التفشي المبلغ عنها بين المدرسين أو معاونيهم حتى الآن يوحي بأن انتشار مرض كوفيد-19 في المؤسسات التعليمية قد يكون محدودا.
ولكن مهما كانت نتائج الإختبارات والدراسات فإن الواجب الأساسي للأهالي من أجل حماية أطفالهم من الفيروس المستجد هو التمسك بقواعد التباعد الاجتماعي والنظافة والتعقيم بشكل جيد.
اللقاح لكبار السن
أما على صعيد اللقاح المضاد لفيروس كورونا المزمع إنتاجه، فيرى المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية الأميركي أن الأطفال وصغار السن ممن لم يتجاوزوا الثامنة عشرة من العمر عليهم الانتظار لشهور قبل الحصول على اللقاح، وذلك بسبب تأخر بعض تجارب اللقاح المخصص للأطفال لشهر كانون الثاني المقبل.
ويرى الدكتور شبو أن الأولوية في المرحلة المقبلة هي تلقيح كبار السن والكادر الطبي وبعض الأشخاص الذين يعانون من أمراض معينة في حال توفر اللقاح، وفي المرحلة اللاحقة الأطفال.
إحصاء: 3 وفيات أطفال منذ بداية الجائحة
ووفقا لآخر إحصاءات وزارة الصحة اللبنانية (7 كانون الأول 2020)، فإن نسبة إصابة الأطفال دون 9 سنوات تبلغ نحو 238 بين كل مئة ألف نسبة.
أما الفئة العمرية التي تتراوح بين 9 و 18 عاماً فتقدر بـ688 بين كل مئة ألف نسبة.
وبلغ عدد المصابين في لبنان بكورونا منذ 21 شباط 2020 ولغاية صباح 8 كانون الأول الحالي نحو 138 ألفاً ونحو 1115 حالة وفاة.
أما عدد الوفيات للأطفال تحت 18 عاماً فهو 3 بينهم طفل دون 9 سنوات ومعظمهم مرضى.
وفي 30 تشرين الثاني الماضي، قال وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن أن عدد الاصابات عند الأطفال دون 10 سنوات لا يتجاوز 3 بالمئة من عدد الإصابات والوفيات كان عددها حالتين فقط لولدين يعانيان من أمراض مزمنة وتشوه خلق.
شاهد أيضا | خلف الكواليس: النادي العلماني في الجامعة اليسوعية يصنع التاريخ خلال الإنتخابات الطلابية