EPA/Zouhir al Shimale

“الخوذ البيضاء” لـ”بيروت توداي”: الكارثة تفوق قدراتنا والنظام يسرق المساعدات 

بنايات وحارات بأكملها سويت بالأرض، عائلات مشردة لا تعرف أين تذهب، قتلى وجرحى ومفقودون… مشهد وإن كان ليس غريباً على منطقة شمال غربي سوريا إلا أنه مأساوي وكارثي. 

زلزال كبير ضرب تركيا وسوريا الأسبوع الماضي، لكن الدمار يحتاج إلى سنوات لإعادة البناء، خصوصاً في منطقة شمال غربي سوريا التي لا يسيطر عليها النظام السوري، ويفرض حصاراً لعدم الوصول إليها من أجل إنقاذ أهلها. 

 يسابقون الزمن 

أما عناصر “الخوذ البيضاء” فكانوا يسابقون الزمن لإنقاذ حياة الناس تحت الأنقاض، وكانوا باللحم الحي ينتشلون المصابين الذين سقطت مبانيهم المتهالكة أصلاً من الضربات الجوية للنظام السوري. 

فهذه المنظمة التي تفتقد للمعدات الثقيلة اللازمة في عمليات الإنقاذ وانتشال العالقين، لاسيما الروافع الهيدروليكية بالأذرع الطويلة، ومعدات البحث والإنقاذ ذات الأعماق المختلفة، وفرق الكلاب المدربة على الإنقاذ، وغيرها من الآلات الحديثة وحتى القديمة أيضاً، لبت للإنقاذ. 

وأكد مدير إحدى الوحدات الإدارية في منظمة الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) شادي الحسن لـ”بيروت توداي” أن إمكانيات “الخوذ البيضاء” العاملة في منطقة شمال غربي سوريا محدودة جداً، خصوصاً أن حجم الكارثة كبير جداً ولا يتناسب مع قدرات المنظمة والمعدات والكوادر، مذكراً بـ”أننا نواجه كارثة كبيرة ونتحدث عن آلاف القتلى والمصابين”. 

وإذ نفى وجود أي تواصل مع النظام السوري من أجل وصول المساعدات الدولية إلى منطقة شمال غربي سوريا، أعلن أن الجانب التركي فتح العديد من المعابر الحدودية وبدأت المساعدات تصل إلى مستحقيها . 

ولفت إلى أن هناك حملات شعبية وأهلية لمساعدة المنكوبين في شمال غربي سوريا قام بها مواطنون، بالإضافة إلى مساعدات دولية قدمتها بعض الدول، لاسيما السعودية وقطر والعراق والشركاء أميركا وكندا ودول أوروبية. 

ودخلت شاحنات عدة إلى سوريا من معبر بابا الهوى في شمال غربي سوريا محمّلة لوازم للإيواء المؤقت مع خيم بلاستيكية وبطانيات وفُرش وحبال وما إلى ذلك. 

 النظام لا يؤتمن على المساعدات 

وذكّر الحسن بأن النظام السوري كان يقوم بسرقة المساعدات ويمنع إيصالها إلى مستحقيها في المناطق الواقعة خارج نطاق سيطرته، فهو لا يؤتمن على المساعدات لإيصالها إلى النازحين والمهجرين وكان يعمد إلى سرقتها، على حد تعبيره. 

وأشار إلى أن المنظمة أعلنت، الجمعة 10 شباط (فبراير) الجاري، عن انتهائها من عمليات البحث والإنقاذ والانتقال لمرحلة البحث والانتشال للضحايا من تحت الأنقاض، وذلك بعد خمسة أيام من كارثة الزلزال الذي ضرب مناطق في تركيا وسوريا. 

وأسف الحسن لأنه لم يبق أمل بالعثور على ناجين تحت الأنقاض بعد مرور أكثر من أسبوع على وقوع الزلزال المدمر، مذكّراً بأن المنظمة انتهت من عمليات البحث والإنقاذ وانتقلت إلى عمليات البحث والانتشال. 

وأشار وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسّق الإغاثة في حالات الطوارئ مارتن غريفيث في تغريدة أطلقها إلى أن الوكالة “خذلت حتى الآن الناس في شمال غرب سوريا. هم يشعرون عن حق بأنهم متروكون”، داعياً إلى “تصحيح هذا الإخفاق بأسرع وقت”. 

 550 مبنى منهاراً 

وتواصلت عمليات البحث وانتشال العالقين تحت أنقاض المباني التي دمّرها الزلزال في شمال غربي سوريا، وبدأت “الخوذ البيضاء” بفتح الطرقات التي أغلقتها الأنقاض بشكل جزئي أو كلي في مناطق عدة من شمال غربي سوريا. 

وبحسب إحصاء “الخوذ البيضاء”، بلغت حصيلة الأبنية المنهارة بشكل كامل جراء الزلزال أكثر من 550 مبنى، بينما تضرر بشكل جزئي أكثر من 1570 مبنى في عموم المناطق التي ضربها الزلزال واستجابت لها فرق الخوذ البيضاء، فيما تعرضت آلاف المباني والمنازل للتصدعات. 

ويقول أعضاء الخوذ البيضاء إنهم محايدون يعملون للإغاثة فحسب، ويقولون على موقعهم الإلكتروني على الإنترنت إنهم يتلقون تمويلاً من حكومات عدة. 

 مساعدة النظام 

إلا أن الرئيس السوري بشار الأسد وداعميه مثل روسيا فيصفون “الخوذ البيضاء” بأنهم أدوات دعاية برعاية غربية ووكلاء لجماعات معارضة مسلحة يقودها إسلاميون متشددون ووصلوا إلى حد القول إنهم لفقوا عمليات إنقاذ، على حد تعبيرهم. 

الأسد الذي زار حلب، وهي إحدى المناطق التي يسيطر عليها النظام، كان ضاحكاً ومقبلاً على التقاط صور “السيلفي” مع المحتشدين كما لو أنه في رحلة سياحية، في وقت هبّت الدول العربية للوقوف إلى جانب السوريين، وتحركت كثير من الدول العربية، على الصعيدين الرسمي والشعبي، عبر إرسال المساعدات من مواد إغاثية وسلال غذائية، وخيام، وحقائب إيواء، وبطانيات، بالإضافة إلى المواد الطبية، والتبرعات، فضلًا عن فرق الإنقاذ لدعم سوريا في مواجهة تداعيات الكارثة الإنسانية. 

ومن لبنان، تناقل رواد مواقع التواصل الاجتماعي صورًا تظهر تجمع حافلات مدنية تنقل مساعدات إنسانية إلى سوريا، جمعها مواطنون بحملات فردية. 

كما أرسل “حزب الله” قافلة مكونة من 25 شاحنة محملة بالمساعدات الإنسانية تحت شعار “رحماء” للمتضررين من الزلزال في سوريا.  

وبحسب هيئة المسح الجيولوجي الأميركية بلغت قوة الزلزال الذي وقع فجر الإثنين  شباط (فبراير) الحالي 7.8 درجات، ووقع في الساعة 04:17 بالتوقيت المحلي على عمق 17.9 كم بالقرب من مدينة غازي عنتاب.