بعد تلطيخها بـ”الحلوى“.. هذه أبرز الهجمات التي تعرضت لها لوحة ”الموناليزا“ خلال 500 عام

ربما تكون لوحة الموناليزا الشهيرة للفنان الإيطالي ليوناردو دافنشي (1452 – 1519) قد تعرضت لهزة خفيفة في الهجوم الأخير، لكنها قد تكون أيضًا تذوقت الحلوى فرحًا بانتصارها، كما حدث معها على امتداد أكثر من 500 عام.

نظرة سريعة على الموناليزا

رسمت لوحة الموناليزا في بداية العقد الأول من القرن الـ16، وتجمع النسبة الأكبر من الروايات التي وردت في المذكرات على أن الموناليزا تصوُّر سيدة من فلورنسا تدعى ليزا غيرارديني، وقد تزوجت في سن الـ15 عامًا من تاجر الرقيق فرانشسكو ديل جيوكوندو، اشتهرت اللوحة على مر السنين بابتسامتها الغامضة، ونالت نصيبها من تهكم رسامي الكاريكاتير والفن الساخر عليها.

وعلى الرغم من أن اللوحة رسمت في عام 1503، فإنها لم تنال شهرتها إلا في القرن الـ19، عندما بدأ النقاد بوصف الموناليزا بأنها أحد أفضل الأعمال التي رسمت في فلورنسا في عصر النهضة. هي حتى اليوم محط خلاف بين مجموعة من الآراء، يقول أولها إنها للسيدة الفلورنسية ليزا، بينما يقول الثاني إنها رُسمت بطلب من جوليانو دي ميديشي، وهناك رأي أخر يقول إنها مستوحاة من خيال دافنشي.

الموناليزا في مواجهة الأزمة المناخية

مثّل الهجوم الأخير الذي استهدف الموناليزا في مكان عرضها في القاعة رقم 6 في متحف اللوفر الفرنسي، يوم الأحد الماضي، أحدث الهجمات التي تعرضت لها اللوحة خلال تاريخها الطويل، ووفقًا لما ورد في مقطع الفيديو المتداول، فإن المهاجم شاب عشريني تنكر بزي امرأة عندما قام بتلطيخ أسفل الزجاج الذي يحمي اللوحة بقطعة من الحلوى.

وأظهر المقطع المصور المهاجم وهو يتحدث إلى الأشخاص الذين كانوا يصورون المشهد بالقول: “هناك أشخاص يحاولون تدمير الكوكب… فكر بالأرض.. فكر فقط”، وهو ما أكدته وكالة رويترز أيضًا.

ويظهر أن المهاجم أراد لفت الانتباه إلى الأزمة البيئية التي نعيشها في الوقت الراهن، وشوهد في المقطع المتداول أحد الحراس يمسح الحلوى من أسفل الزجاج المضاد للرصاص والمزود بأجهزة حماية رقمية، حيثُ تجلس داخله الموناليزا بأمان. 

كيف حصلت الموناليزا على شهرتها؟

حتى ما قبل عام 1911 لم تكن الموناليزا قد حظيت بهذه الشهرة الواسعة، على الرغم من مرورها بالكثير من المنعطفات التي استبقت هذا العام تحديدًا. تقول وقائع الحادثة المؤرخة لشهرة الموناليزا أنها جاءت بعد سرقتها من قبل فينتشنزو بيروجي، أحد العمال الذين كانوا ينقلون الزجاج لمتحف اللوفر، حيثُ اكتشفت عملية السطو بعدما جاء فنان زائر إلى اللوفر يريد دراسة اللوحة نفسها. 

ومن المفارقات اللافتة في هذه القصة، أن الشرطة قامت باستجواب بيروجي، وأثبتت التحقيقات حجته التي تذّرع بها، وتفيد بأنه كان يعمل في مكان مختلف يوم وقوع حادثة السرقة، بينما كانت اللوحة مخبأة داخل حقيبة سيارة يحتفظ بها في منزله، مدفوعًا بفعل وطني كما أخبر هيئة المحلفين لاحقًا. 

وبعد عامين من إخفائه اللوحة، قام بيروجي بعد عودته إلى مدينة بيروجيا في إيطاليا بالتواصل مع ماريو فراتيلي، صاحب معرض فني في فلورنسا، الذي وصله بدوره مع جيوفاني بوجي، مدير معرض فني آخر في فلورنسا، وعندما تعرف الثنائي على اللوحة، أبلغا بدورهما مركز الشرطة الذي قام بإلقاء القبض على بيروجي في عام 1913، وحكم حينها بالسجن لـ12 شهرًا فقط. 

سرقات.. هجمات.. وحوادث 

ومع ذلك، تسجل الكثير من التقارير مواجهة الموناليزا، مثل غيرها من اللوحات الثمينة، للعديد من السرقات والهجمات، بالإضافة طبعًا إلى مجموعة من الأحداث الطريفة التي رافقت مسيرتها مع دافنشي قبل وفاته، ومنها على سبيل المثال الحصر، مقال فرانس 24 الذي اقترح في عام 2014 بيع اللوحة للتخفيف من الدين الوطني.

في هذا الخصوص تجمع التقارير المؤرخة للموناليزا أن دافنشي اصطحب معه اللوحة عندما غادر إيطاليا متوجهًا إلى فرنسا في عام 1516، لكن وفاته في عام 1519 الأمر الذي لم يجعله يسلم اللوحة للزوجين، سمح بوصولها إلى قصر فونتينبلو، حيثُ احتفظ بها الملك فرانسوا الأول الذي كان يحكم العرش الفرنسي. 

انتقلت الموناليزا بعد ذلك إلى قصر فرساي خلال فترة حكم الملك لويس الـ14، قبل أن يتم نقلها إلى  متحف اللوفر بعد انتصار الثورة الفرنسية في عام 1797، بينما تقول مرويات أخرى إنها كانت وضعت لفترة قصيرة في غرفة نوم نابليون بونابرت، وهي الفترة التي شهدت ترميمها أيضًا.

لكن بقائها في اللوفر لم يستمر طويلًا، بعدما تقرر نقلها من المتحف إلى بريست أرسنال خلال الحرب الفرنسية – البروسية (1870 – 1871)، وبعدها عادت إلى اللوفر حيثُ احتفظ بها، وبقيت غير معروفة خارج عالم الفن حتى منتصف الستينيات، عندما بدأ جزء من المثقفين الفرنسيين بالحديث عن أن الموناليزا تعد من أهم الأعمال الفنية التي رسمت في عصر النهضة.

وعلى الرغم من صمودها في متحف اللوفر على مر السنوات، فإنها واجهت الكثير من الهجمات التي تعرضت لها، كان من بينها الهجوم المسجل في عام 1956، عندما قام البوليفي أوغو أونجازا فيليجاس بإلقاء صخرة حطمت رميتها القوية الزجاج الذي كانت تحتمي خلفه اللوحة، مما تسبب بإزالة الصبغة على الكوع الأيسر، وكان قد وضع الزجاج لحمايتها بعدما حاول رجل قبل الحادثة ببضعة سنوات قصها بشفرة حلاقة محاولًا سرقتها لأنه يحب اللوحة!

ومن الحوادث الأخرى التي رافقت الموناليزا أن الحكومة الفرنسية أقرضتها للحكومة الأميركية ما بين عامي (1962 – 1963) لعرضها في مدينة نيويورك والعاصمة واشنطن. وفي عام 1974 بعد انتقال عرضها من موسكو إلى طوكيو، قامت امرأة بإلقاء طلاء أحمر على اللوحة أثناء عرضها في متحف طوكيو الوطني، وقالت حينها إنها فعلت ذلك للاحتجاج على فشل متحف طوكيو في توفير خدماته لذوي الاحتياجات الخاصة. 

ومع ذلك، بعيدًا عن هذه الحوادث، كانت اللوحة مسرحًا لغزو من الحشرات على الجزء الخلفي منها، لكن الخبراء تمكنوا من احتواء الغزو بعد معالجته باستخدام رابع كلوريد الكربون، وأكسيد الإيثيلين، قبل أن تواجه هجومًا جديدًا في عام 2009 – وهو آخر هجوم حدث قبل يوم الأحد – من امرأة روسية ألقت على اللوحة فنجان شاي مصنوع من السيراميك، وقالت المرأة إنها فعلت ذلك احتجاجًا على عدم منحها الجنسية الفرنسية.