أعلن مهرجان البندقية السينمائي الدولي أن المخرج الأميركي بول شريدر سيحصل على جائزة الأسد الذهبي الفخرية خلال الدورة الـ79 التي سيتم تنظميها بين الفترة الممتدة من 31 آب حتى 10 أيلول من العام الجاري، على ما ذكر الموقع الرسمي للمهرجان، وقال شريدر في تعليقه على منحه الجائزة: “أشعر بشرف عظيم.. البندقية أسد قلبي”.
وقال مدير المهرجان ألبرتو باربيرا في تعليقه على منح المهرجان جائزة الأسد الذهبي الفخرية لشريدر (76 عامًا) عن مجمل أعماله السينمائية، إنه: “شخصية هوليوود الجديدة التي أحدثت ثورة في خيال السينما الأميركية وجمالياتها ولغتها منذ نهاية الستينيات”، وتابع واصفًا شريدر بأنه: “أحد أهم المؤلّفين الأميركيين في جيله، وصانع أفلام متأثر بشدة بالثقافة والسينما الأوروبيتين، وكاتب سيناريو يملك استقلالية قوية”، لافتًا إلى أنه يعد من المخرجين الذين قدموا بعضًا من أجمل الأفلام خلال السنوات الماضية.
ويأتي تكريم شريدر بالتزامن مع استعداد مهرجان البندقية للاحتفال في دورته الـ79 بمرور 90 عامًا على تأسيسه، وهو ما يجعله واحد من أقدم المهرجانات السينمائية على مستوى العالم، بعد أن انطلقت دورته الأولى في عام 1932، والتي تخللها توقفه عن تنظيم فعاليته 11 عامًا في تواريخ مختلفة، كان من بينها أربعة أعوام خلال الحرب العالمية الثانية، ووصف مدير مؤسسة بينالي البندقية للفنون روبرت تشيكوتو احتفال المهرجان بالذكرى الـ90 لتأسيسه، بأنها “هدية أخرى” يقدمها المهرجان لشريدر بصفته “كاتب سينمائي متعدد الأوجه”.
ولد الناقد والكاتب والمخرج بول شريدر في 22 يوليو (تموز) من العام 1946 في مدينة غراند رابيدز التابعة لولاية ميشيغان الأميركية لأسرة متدينة من أصول هولندية، وحصل على شهادة بكالوريوس الآداب من كلية كالفن للفنون الجميلة، ثم على درجة الماجستير في الدراسات السينمائية من جامعة كاليفورنيا، حيثُ بدأ بعدها نشاطه في كتابة المراجعات النقدية للأعمال السينمائية.
وكانت انطلاقاته الأولى في استديوهات هوليوود عندما كتب سيناريو فيلم “الياكوزا” (The Yakuza) الذي تولى مهام إخراجه سيدني بولاك، وعلى الرغم من عدم نجاح الفيلم جماهيريًا، إلا أنه قدم شريدر كواحد من كتاب الأفلام الجدد في هوليوود، حيثُ عاد بعدها للتعاون مع المخرج براين دي ألما في فيلم “هوس” (Obsession) في عام 1976، قبل أن يشكل تعاونه مع المخرج الأوسكار مارتن سكورسيزي في فيلم “سائق تاكسي” (Taxi Driver) في العام عينه انطلاقته الرسمية في هوليوود، وهو الفيلم الذي شهد ولادة النجم روبرت دي نيرو.
ومثّل هذا الفيلم باكورة لأعمال شريدر القادمة التي تعاون فيها مع سكورسيزي، بما في ذلك “الثور الهائج” (Raging Bull) الذي صدر في عام 1980، وكذلك “الإغواء الأخير للمسيح” (The Last Temptation of Christ) المقتبس عن رواية الكاتب اليوناني نيكوس كازانتزاكيس الذي صدر في عام 1988، وكان أخر هذا التعاون في فيلم “إظهار الموتى” (Bringing Out the Dead) الذي صدر مع نهاية الألفية الثانية في عام 1999.
كما سجل شريدر خلال مسيرته الفنية تعاونه مع المخرجين ستيفن سبيلبرغ، بالإضافة إلى فرانسيس فورد كوبولا، وجورج لوكاس، بينما كانت انطلاقته كمخرج وكاتب أفلام مع فيلم “الياقة الزرقاء” (Blue Collar) في عام 1978، وحاز هذا الفيلم حينها على جائزة مهرجان بلد الوليد السينمائي الدولي في إسبانيا عن فئة أفضل فيلم، لينطلق بعدها في عالم الكتابة والإخراج مقدمًا للجمهور نحو 28 عملًا سينمائيًا من إخراجه، ومثلها في عالم الكتابة.
وخلال مسيرته الفنية في عالم السينما التي بدأها منذ نحو 48 عامًا حصل شريدر 39 جائزة من أصل 76 ترشيحًا نالتها الأعمال التي قدمها في مختلف المهرجانات العالمية، والتي كان من ضمنها ترشيحه لجائزة الأوسكار عن فئة أفضل سيناريو أصلي عن فيلم “أول إصلاح” (First Reformed) في عام 2019، بينما حصل خلال مسيرته الفنية على جائزة أفضل مساهمة فنية في مهرجان كان السينمائي عن فيلم “ميشيما: حياة في أربعة فصول” (Mishima: A Life in Four Chapters) في عام 1985.
ويعمل شريدر في الوقت الراهن على فيلمين من كتابته وإخراجه هما “تسعة رجال من الآن” (Nine Men from Now)، و”البستاني الرئيس” (Master Gardener)، بالإضافة إلى كتابته سيناريو فيلم “لا يوجد قديسون” (There Are No Saints) الذي يتولى إخراجه ألفونسو بينيدا أولوا، بينما كانت أخر الأعمال التي قدمها شريدر كتابة وإخراجًا فيلم “عداد البطاقات” (The Card Counter)، الحائز على جائزة مهرجان بلد الوليد عن فئة أفضل سيناريو العام الماضي، وهو من بطولة أوسكار إيزاك، بالاشتراك مع ويليم دافو، تاي شريدان، وتيفاني هاديش.