لأن بيروت هي “الكبرياء والفخر”، اختارت شركة EV Electra إطلاق السيارة الكهربائية Quds Rise 2022 رسمياً منها، كأول سيارة لبنانية – فلسطينية، صنعت في لبنان.
حفل الإطلاق الذي جرى السبت، في 24 نيسان 2021، لم يكن يوما عادياً، بل أدخل اسم الشركة في التاريخ لأنها أول سيارة تعمل بالطاقة الكهربائية يتم تصميمها وتصنيعها بالكامل في لبنان، فكانت هدية لبيروت ولبنان والعالم العربي أجمع.
وتم الكشف عن “قدس رايز” للجمهور للمرة الأولى خلال جولة في شوارع بيروت في يومٍ ربيعي تبعها احتفال رسمي، حيث تمكّن الجمهور من التقاط صور لسيارة رياضية بقوة محرك 180 حصاناً وتتسع لشخصين ويمكن تشبيهها بسيارة الفيراري.
ويزيّن واجهة السيارة الأمامية شعار يمثل قبة الصخرة باللون الذهبي ليذكّر بأصل السيارة العربي وقضية القدس الدائمة، ولكن يمكن لمن يريد أن يستبدل تصميم القبة بتصميم آخر “فهذا متاح أمامه”.
رزق بطفل
رجل الأعمال الفلسطيني – اللبناني جهاد محمد، صاحب شركة EV Electra، وصف لـ”بيروت توداي” شعوره خلال حفل إطلاق السيارة بالرجل المتزوج منذ أكثر من 10 سنوات ولم يرزق بطفل، وبعد هذه الفترة انجبت زوجته طفلاً جميلاً وهو، بحسب محمد، “قدس رايز” الكهربائية، وهذا احساس جميل جداً وعظيم ولا يمكن وصفه.
ويأتي مشروع محمد بعد سنوات من العمل في قطاع الاتصالات في كندا والعراق ودول الخليج، ليقرر بعدها الخوض في مجال صناعة السيارات، وأسس شركته في لبنان قبل نحو أربع سنوات، ويعمل فيها نحو 300 موظف لبناني وفلسطيني. ويسعى على المدى البعيد أن يدخل مجال المنافسة في السوق الدولية للسيارات الكهربائية والهجينة، وتحقيق مبيعات في السوق اللبنانية أيضا.
وإذ أكد محمد أن هناك مسؤولية كبيرة تقع على عاتقه بعد اطلاق السيارة إلى الجمهور، قال: “في حال فشلنا فإن أي مشروع كبير أو مماثل لن يتم اطلاقه طيلة فترة 50 عاماً، وسيلقي اللوم على البلد، في حين أن الفشل يعود لصاحبه، خصوصاً إذا كان يعتمد على التطوير”.
وشدد على أن “قدس رايز” هي سيارة لبنانية فلسطينية مئة في المئة وصناعتها وتركيبها تمّا في لبنان بعكس ما اشيع أن هناك سيارة تمت صناعتها في لبنان سابقاً، وقال: ببساطة ما شهدناه سابقاً هو اعادة صناعة، وليس صناعة”.
وأوضح بثقة عالية أن هدفنا منافسة الشركات العالمية في المستقبل وإلا “نكون قد صرفنا اموالنا هباء، وهذا لن يحصل لأن بإرادتنا وعزيمتنا سنصل إلى ما نحلم به ونخطط له ونسعى اليه ليلاً نهاراً”.
لا عراقيل
ونفى وجود اي عراقيل أمام مشروعه بل “هناك اجراءات روتينية تتعلق بالمواصفات حول السيارة ومحركها وهذا أمر طبيعي”، مؤكداً “أن المشروع بدأ منذ أربع سنوات ولكن حفل الإطلاق حصل في الرابع والعشرين من نيسان الماضي”.
ومنذ خريف 2019، يشهد لبنان انهياراً اقتصادياً، وبدأت الليرة تتراجع تدريجيا أمام الدولار وسط أزمة سيولة حادة. ولامس سعر الصرف في السوق السوداء اليوم 12 ألفا للدولار، فيما سعر الصرف الرسمي لا يزال مثبتا على 1507 ليرة.
ورداً على وصف البعض اطلاق السيارة في ظل الأزمة الإقتصادية، وفتح استثمار ضخم، بأنه “ضرب جنون”، قال: “في هذا الوقت، وفي ظل هذه الأزمة الإقتصادية، هو أفضل وقت للإطلاق”، مذكراً بأن اللبنانيين متعبون ومنهمكون ويائسون فإطلاق السيارة يعد عاملاً إيجابياُ وفرحاً لكل اللبنانيين والفلسطينيين وكل العرب.
وأوضح أن السيارة مثلها كباقي السيارات تباع بالدولار، ورغم أن القدرة الشرائية تغيرت لدى اللبنانيين إلا أن “قدس رايز” الكهربائية تبقى الأوفر مقارنة مع باقي السيارات التي تعمل على الوقود، فالتوفير يكون بعدم استهلاك الوقود خصوصا أن لبنان سيعاني بناء للظروف الإقتصادية من ارتفاع بسعر صفيحة البنزين.
أزمة كهرباء
ويعتمد لبنان على المحروقات لتوليد الطاقة، ولا تحقق الكمية المتاحة اكتفاء في بلد يبلغ عدد سكانه نحو ستة ملايين نسمة يعانون من ساعات تقنين طويلة في التيار الكهربائي تتخطى 12 ساعة يومياً في بعض الأحيان ما يؤثر سلباً على طريقة شحن “قدس رايس”، إلا أن محمد وبكل هدوء قال: “رغم الإنقطاع في التيار الكهربائي إلا أن هناك دائما البديل وهو مولدات الكهرباء، فتعددت المصادر إلا أن النتيجة ذاتها”.
ويعتبر قطاع الطاقة من أكبر مساهم في انبعاثات الغازات المسبّبة للاحتباس الحراري في لبنان، وتعهدت الشركة المصنعة للسيارة الجديدة إنشاء نحو مئة محطة إعادة شحن في مناطق متفرقة في البلاد، عبر المولدات لإنتاج الطاقة أو عبر الطاقة الشمسية، أو أي وسيلة متاحة لتزويد مركباتها بالطاقة، لاسيما أن توليد الكهرباء عبر الطاقة الشمسية يحتاج مساحة تقدر بأربعة آلاف متر.
ورداً على سؤال عن وجهة الشركة، سكت محمد قليلاً ثم قال: “بيروت هي الكبرياء والفخر… نعم البداية من العاصمة اللبنانية ونطمح الى عواصم أخرى وسيكون هناك تصنيع في بلدان عدة، لكن أردنا الإنطلاق من بيروت لنفرح سوياً”، كاشفاً أن “المصنع سيكون في منطقة الشويفات وستكون هناك أماكن لجمع بعض أجزاء السيارة، كالكراسي أو غيرها”.
وعن شحن السيارة وطريقة تغذيتها بالطاقة، أوضح أن “السيارة بحاجة إلى 50 كيلو واط لشحنها بواسطة “الفيش” العادي لمدة 8 ساعات، وهناك طرق أخرى في محطات الشحن حيث تحتاج إلى فترة أقل لاسيما عشرة دقائق وتحتاج من 150 إلى 300 كيلو واط”.
ويأمل محمد أن تبدأ شركته خلال هذا العام بإنتاج ما يصل إلى عشرة آلاف سيارة في لبنان، على أن تكون باكورة هذا الإنتاج متوفرة في السوق في غضون عام.
أزمة اقتصادية
ويأتي الكشف عن هذه السيارة في وقت يغرق فيه لبنان في واحدة من أسوأ أزماته الاقتصادية منذ عقود. ويشهد سوق السيارات انخفاضا غير مسبوق في مبيعاته جراء الأزمة المالية وفرض قيود على سحب الودائع من المصارف اللبنانية.
وكشفت الأرقام الصادرة عن جمعية مستوردي السيارات في لبنان، أن التجار باعوا 62 سيارة جديدة فقط في أول شهرين من العام الحالي، أي أقل بنسبة 97 في المئة تقريبا من مبيعات الفترة ذاتها من العام الماضي.
شاء من شاء وأبى من أبى “قدس رايتز” دخلت التاريخ لأنها أول سيارة صنعت في لبنان، فهل سنشهد في الأيام المقبلة صناعات ضخمة في لبنان الذي يعاني من انهيار اقتصادي وأزمة اقتصادية وإجتماعية وفساد يستشري في مؤسساته، بالإضافة إلى تخبط سياسي؟