Photo: Laudy Issa
Photo: Laudy Issa

في اليوم العالمي للمرأة… لبنان لا يعترف بمواطنيتها الكاملة

يحتفل العالم في الثامن من آذار من كل عام بـ”يوم المرأة العالمي”، وهي المناسبة التي تشكل “رمزاً” للكفاح النسوي والمطالبات من أجل تعزيز حقوق النساء بمواجهة التمييز وانعدام المساواة بين الجنسين.

ففي العام 2021 نرى المرأة تطالب بحقوق بديهية في مجتمع ذكوري ينتهك حقوقها تحت مظلة العادات والتقاليد حيناً وتحت عباءة الطوائف والاديان أحياناً، فالمرأة التي تشكل أكثر من نصف المجتمع تبقى عاجزة ومكبلة في كثير من الأحيان بسبب قوانين مجحفة أو استنسابية من قبل السلطات.

ويأتي هذا العام مع انتشار وباء كورونا في العالم، حيث تقف المرأة في الخطوط الأمامية لمكافحته عبر جهودها من أجل مجتمع متعاف، واتخذ الاحتفال بيوم المرأة العالمي لهذا العام شعار #خيارنا_التحدي (ChooseToChallenge#).

واقع المرأة ودورها

أما واقع المرأة في لبنان فله خصوصيات عدة، منها ما هو تشريعي وآخر تثقيفي نتيجة عادات أو ممارسات خاطئة، بالإضافة إلى جائحة كورونا والوضع الإقتصادي المأزوم في البلد. 

وأعدّ برنامج الأمم المتحدة الانمائي، لمناسبة اليوم العالمي للمرأة فيديو متحرك قصير وذلك بهدف تسليط الضوء على الأدوار المتعددة والمهمة التي تؤديها المرأة اللبنانية في المجتمع والدعوة إلى تمثيلٍ متساوٍ في مراكز صنع القرار.

الهيئة الوطنية

وأعلنت الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية، إنضمامها إلى الحملة العالمية في اليوم العالمي للمرأة، والتي تحمل شعار ChooseToChallenge وأطلقت حملة توعوية بعنوان “من التحدي يأتي التغيير خيارنا التحدي”.

وتهدف الهيئة من خلال هذه الحملة إلى “الإضاءة على إنجازات النساء اللبنانيات وعلى تميزهن في مختلف القطاعات وعلى دورهن الأساسي في بناء المجتمعات”.

وأكدت رئيسة الهيئة كلودين عون، في حديث إلى “بيروت توداي”، أن اليوم العالمي للمرأة يأتي هذا العام في ظل ظروف صحية واقتصادية واجتماعية وسياسية صعبة واستثنائية”.

ووجهت تحية إلى “تضحيات النساء في لبنان في شتى المجالات، هن اللواتي لعبن دوراً أساسياً في مواجهة الكوارث وفي الاستجابة لحاجات ومتطلبات المجتمع”.

الأحوال الشخصية

وشرحت عون أن هناك “قوانين أخرى ضرورية لحماية الفتيات والنساء وإحقاق المساواة بين المرأة والرجل، لا نزال نسعى إلى إقرارها وأهمها قانون منع تزويج الأطفال والقانون الذي يعترف بحق المرأة اللبنانية بنقل جنسيتها الى أولادها وقانون موحد للأحوال الشخصية”.

وتساءلت الناشطة الإجتماعية ناهلة سلامة “ما هو وضع المرأة اللبنانية اليوم في ظل التمييز الجندري، والوضع الاقتصادي، وتفشي البطالة، والعنف الأسري، والقوانين التشريعية المجحفة، وعدم تطبيقها بشكل ينصف المرأة ويمنحها حقوقها؟”

وقالت سلامة، في حديث إلى “بيروت توداي”، إن المرأة اللبنانية، وفي ظل جائحة كورونا أيضاً، لا تزال تقف امام المحاكم الروحية مطالبة بحقها الطبيعي بحضانة أطفالها أو السماح لها بمشاهدتهم، رغم كل التحركات النسائية والمساعي لرفع سن الحضانة العادل للطفل والأم إلا ان الموضوع يتحول لقضية شخصية يفتي بها القاضي كلاً حسب قضيتها وارتفاع صوتها على صفحات التواصل الاجتماعي”.

وأشارت إلى أن “لبنان لم يتخذ اي خطوة لاصدار قانون الأحوال الشخصية موحد لجميع الطوائف دون تمييز التي تضمن حقوق المرأة في مسائل الطلاق، وحقوق الملكية، وحضانة الأطفال بعد الطلاق”.

وتخضع الأحوال الشخصية في لبنان إلى مجموعة من القوانين المذهبية والشرعية والمدنية، تختلف باختلاف طائفة كل شخص ما يؤثر سلباً على حقوق المرأة وأولادها خصوصاً لناحية الطلاق، والحضانة، والإرث، وسن الزواج.

العنف الأسري

أما عن انجازات العمل التشريعي، فرأت عون أن “إقرار المجلس النيابي في نهاية العام الماضي للقانون الذي يجرم التحرش الجنسي ويؤهل ضحاياه وتعديله لقانون “حماية النساء وسائر أفراد الأسرة من العنف الأسري”، يشكل إنجازاً في مسيرة إزالة التمييز ضد النساء”.

وأقر لبنان قانون العنف الأسري في العام 2014 وشكّل قفزة نوعية على صعيد تأمين حماية قانونية للمرأة ولسائر أفراد الأسرة، ثم عاد وأجرى عليه تعديلات في كانون الأول الماضي 2020 لاسيما تضمين تعريف العنف الأسري، والممارسات الجرمية التي تقع “أثناء الحياة الزوجية أو بسببها”، بالإضافة إلى تضمين أنواع العنف المعاقب عليها، لاسيما العنف الاقتصادي.

تجديد العهد

وتوجهت عون بكلمة من القلب إلى المرأة: “في هذا اليوم، نجدد تعهدنا بمواصلة العمل على تحقيق المساواة بين المرأة والرجل في القوانين كما على تطوير الصورة النمطية للمرأة وتغيير الثقافة السائدة التي لا تعترف بالمواطنة الكاملة للمرأة”.

تاريخ نشأة هذا اليوم

تعود نشأة يوم المرأة العالمي إلى العام 1909 حين ارتفعت أصوات النساء الرافضة للتمييز في العمل والمطالبة بحق التصويت.

أما النسخة الأولى من يوم المرأة العالمي فتعود إلى 19 آذار 1911، ويومها تظاهر أكثر من مليون شخص من أجل حقوق النساء في النمسا والدانمارك وألمانيا وسويسرا.

وفي العام 1914، تجمّعت نساء اشتراكيات في الثامن من آذار للمطالبة خصوصاً بحق الاقتراع للنساء. وشهد هذا التاريخ أول تظاهرة فعلية ليوم الثامن من آذار.

المزيد من التوعية

وأكدت سلامة، التي تتابع عن كثب قضايا المرأة، أن “وضع النساء والفتيات في لبنان يحتاج الى مزيد من التوعية، الحماية الشخصية والقوانين الكاملة دون تمييز والا ستبقى المرأة تدور في الحلقة نفسها دون الوصول الى حقها وانصافها بشكل يحترمها كإنسان له الحق بعيش كريم وكرامة كما تنص حقوق المرأة عالمياً”.

تجريم التحرش

وإذ نوهت سلامة بـ”قانون تجريم التحرش الجنسي وتأهيل ضحاياه الذي أقر في 21 كانون الاول 2020″، اعتبرت هذه خطوة مهمة في بلد طالما اعتبر التحرش أمراً طبيعياً، مستدركة بالقول: “هذه الخطوة غير كافية لحماية النساء في اماكن عملهن، فهناك عمليات تحرش وابتزاز تحصل في أماكن العمل لا يتدخل فيها القانون وذلك لعدم فرض اي شرط مكتوب على صاحب العمل بعدم التحرش وحماية العاملات. فهل تستطيع المرأة التبليغ عن صاحب العمل عند وقوع التحرش من دون دليل ملموس مثلا”؟ 

زواج القاصرات

“لماذا لم يتم حتى الآن البت في قانون زواج القاصرات الذي يعتبر جريمة بحق الاطفال والطفولة”؟ سؤال تطرحه الناشطات في مجال حقوق المرأة وهو سؤال جوهري، لما لزواج القاصرات من عواقب نفسية واجتماعية سلبية طويلة الأمد على الفتيات.

وذكّرت سلامة بأنه “لم يتم البت في قانون الجنسية الذي يمنح المرأة المتزوجة من رجل اجنبي الجنسية لأطفالها”، معتبرة أن “تقاعس لبنان في تطبيق قوانين حماية المرأة أدى الى جرائم عديدة في الآونة الأخيرة ولم تُنصف المرأة ولم يتعاط القانون مع المعنفين بشكل جدي حتى بعد التبليغ عن العنف فيتم الإطالة في الإجراءات وقد تصل بالمعنف الى مرحلة الجريمة”.

في الثامن من آذار من كل عام يستذكر العالم المرأة فيخصها بوردة أو تغريدة أو مقال إلا أنه لا يمكن اختصار دور المرأة بيوم واحد في السنة، بل دورها النضالي مستمر ودائم على مدار العام من أجل تحقيق المساواة والعدل والتحرر.