دخل لبنان في مرحلة الإقفال العام الرابعة منذ تفشي جائحة كوفيد-19 في شباط الماضي بعدما وصل إلى مفترق طرق، خصوصاً أن الأمور تتجه يوماً بعد يوم إلى الأسوأ وأرقام الإصابات بفيروس كورونا تتصاعد.
ويختلف هذا الإقفال عن الإقفالات السابقة، لأنه يتضمن الكثير من الاستثناءات وليس شبيهاً بالتعبئة العامة التي أقرت عند الأقفال الأول في آذار ٢٠٢٠، ولكن بجميع الأحوال لن يؤتى ثماره إلا بعد أسبوع من سريانه.
وسجل فيروس كورونا في آخر احصاء لوزارة الصحة ( 7 كانون الاول 2021) 4774 اصابة جديدة ما رفعت العدد التراكمي للحالات المثبتة الى 204669. كما تم تسجيل 16 حالة وفاة ورفعت للحالات المثبتة إلى 1566.
“الوضع صعب جداً”… هذا ما حذر منه رئيس لجنة الصحة النيابية النائب عاصم عراجي ، الذي قال لـ”بيروت توداي”: “إن الأقفال الأول الذي حصل بين آذار ونيسان اعطى نتيجة كبيرة، بينما الإقفالان الثاني والثالث لم يؤتيا ثمارهما ولم يعطيا نتائجهما المطلوبة رغم أنهما أوقفا الإصابات عند حد معين ولكن لم يتم تقليلها بل أجلا المشكلة”.
وفي الإقفال الجديد وبناء على الإستثناءات، لا يتوقع عراجي التخفيف الدراماتيكي لعدد الإصابات، مقدراً أن تخف إلى حد معين ولكنها لن تتراجع عدد الإصابات.
اقفال تام
وإذ كرر مطالبته بإقفال تام من دون اي استثناءات خصوصاً في ظل تفشي مجتمعي كبير جداً، دعا إلى تطبيق الإجراءات المتخذة وإلا عندها ستقع الكارثة، مستغرباً عدم التشدد في تطبيق قرار الإقفال خصوصاً في اليوم الأول من دخول البلاد في اللإقفال الرابع.
ووافق رئيس الجمهورية ميشال عون على قرار الاغلاق الكامل اعتبارا من 7 كانون الثاني الجاري حتى الأول من شباط المقبل، بناء على اقتراح رئيس مجلس الوزراء في حكومة تصريف الإعمال حسان دياب واللجنة الوزارية المكلفة متابعة داء “كورونا”.
وسبق للبنان أن فرض إجراءات إغلاق منذ بدء انتشار الفيروس كان آخرها في تشرين الثاني الماضي. إلا أن الإجراءات خُففت كثيرا في كانون الأول مع إعادة فتح الحانات والملاهي الليلية ما ساهم في ارتفاع كبير في الإصابات خلال فترة الأعياد.
وأثارت التدابير الجديدة للإقفال انتقادات واسعة لدى الهيئات الصحية المعنية، وأصدرت لجنة الصحة النيابية بياناً اعربت فيه عن تفاجئها بالمستوى “التساهلي” الذي اعتمده بيان اللجنة الوزارية والذي لم تر اللجنة شبيهاً له في اي دولة اجتاحها الوباء الفتاك ، خصوصاً لجهة “سلسلة” الإستثناءات الواردة في متنه، والتي تكاد تشكل فرصة إضافية للوباء للإمعان فتكا وانتشارا؛ بحيث تقضي هذه الاستثناءات على امكان نجاة شرائح واسعة من “مصيدة” الوباء.
وإذ طالبت اللجنة بإعادة النظر بالإستثناءات، دعت إلى المزيد من التشدد في تدابير الإقفال، مشددة على اقتران التدابير بحزمة من المساعدات المالية او العينية تسد بعضا من حاجة المنكفئين في بيوتهم وعصا يتكؤون عليها إلى أقرب فرصة يتمكّنون بعدها من الخروج الى رزقهم وحاجاتهم”.
مسؤولية مشتركة
وفي تعليق لـ”بيروت توداي” رأى عراجي بصفته رئيس لجنة الصحة أن الوضع في لبنان في ظل الجائحة التي نمر بها صعب جداً في ظل التناقص المُخيف في عدد أسرة العناية الفائقة الشاغرة في المستشفيات، خصوصاً أن المصابين بكورونا أصبحوا يتعالجون في المنازل بعدما بلغت المستشفيات الحد الأقصى من قدرتها الإستيعابية.
وإذ حمل الدولة المسؤولية لما “وصلنا” إليه، رأى أن هناك مشكلة أيضا لدى المواطنين غير الآبهين بحياة الآخرين الذي يلتزمون بالإجراءات المفروضة لحمايتهم من كورونا، واعتبر أن المواطن المستهتر يدفّع الثمن للمواطن الملتزم بالإجراءات والإحتياطات اللازمة للحماية من الفيروس، منتقدا غياب ثقافة الوعي لدى البعض وانكار وجود الفيروس في البلد.
ويخشى المسؤولون في لبنان انهيار المنظومة الصحية خصوصاً مع ارتفاع عدد الإصابات في صفوف الطواقم الطبية وعدم قدرتها على استقبال مرضى جدد.
وأفاد مسؤولون وأطباء في الأيام الأخيرة عن مستشفيات رئيسية تخطت طاقتها الاستيعابية مع ارتفاع عدد الاصابات بشكل كبير وحاجة عدد أكبر من المصابين لدخول أقسام العناية الفائقة. واضطر مصابون للانتظار لساعات طويلة في أقسام الطوارئ قبل تأمين أسرّة لهم.
المواطن أولاً
وأكد عراجي أن لجنة الصحة ترسل التوصيات إلى السلطة المختصة لتطبيقها، وتسهر من أجل حماية المواطن أولاً، وقال: “لجنة الصحة النيابية بجميع أعضائها همها الوحيد هو المواطن، فلا شي يعلو فوق صحته ولن نسمح العبث بصحته وسنتحرك دائماً من أجله”. وأكد أن لجنة الصحة بجميع أعضائها في حالة تأهب للمساهمة في تخفيف اصابات الكورونا أو الحد منها.
وإذ دعا المستشفيات إلى الإلتزام باستقبال مرضى كورنا، استغرب كيف أن هناك 67 مستشفى لديها 73 سريراً فقط لمرضى الكورونا! مشيراً إلى ان هناك مستشفيات خاصة فتحت أقساماً لمرضى الكورونا فيما هناك مستشفيات لم تلتزم بعملها.
كما حمل المسؤولية أي مستشفى لم تفتح قسم “كوفيد-19″، رغم وجود مستحقات على الدولة، مذكراً بأنه هو من اقترح بتعليق المهل للمستشفيات (المستوجبات والإعفاء من الضرائب وتخفيض الغرامات) ولكن لا يجوز أن يموت المواطنون على الطرقات أو في منازلهم لعدم دخولهم المستشفيات
تشديد بالإجراءات
الإستهتار من قبل بعض المواطنين، دفع القوى الأمنية إلى التشديد بالإجراءات بعدما بات الوباء يهدد المجتمع بأسره ولا يميز بين فقير وغني أو كبير وصغير، وأوضح مسؤول العلاقات العامة في المديرية العامة لقوى الامن الداخلي العقيد جوزيف مسلم أن الأجهزة الأمنية انتقلت إلى تطبيق قانون العقوبات بحق المخالفين بعدما كانت تطبق قانون السير، وباتت العقوبة تصل إلى إلى 3 أشهر وغرامة من 100 إلى 600 ألف ليرة لبنانية، أو واحدة من هاتين العقوبتين.
وصول اللقاح
وينتظر بعض المرضى، خصوصا الذين يعانون من أمراض مزمنة، ببالغ الصبر وصول لقاح كورونا إلى لبنان، خصوصاً أن وزارة الصحة أعلنت الأحد أن لبنان سيحصل في شباط المقبل على أول دفعة من اللقاح من شركة “فايزر-بايونتيك”.
وأوضحت أن انها تفاوضت مع منصة كوفاكس العالمية للحصول على لقاحات إضافية ستعتمد لاحقا من قبل منظمة الصحة العالمية لتغطية 20 في المئة اضافية من المواطنين تباعا، وفق خطة اللجنة الوطنية المشرفة على لقاحات كورونا.
إلا أن الأمل المنتظر لن يشمل كل المواطنين، والكمية التي ستصل لن تتجاوز 500 ألف لقاح في المرحلة الأولى، فتبقى الوقاية خيراً من ألف لقاح.
القادمين من المطار!
هذا واتخذت الحكومة قراراً بوقف العمل في مطار رفيق الحريري الدولي في الإقفال الأول، إلا أنها استثنت هذا الأمر في الٌإقفالين الثاني والثالث والأخير، ولكن هناك فرقاً بين الاجراءات القديمة والجديدة المتبعة من قبل الركاب القادمين إلى لبنان، فما هي؟
أولاً، فحص الـ PCR كان الزاميا لمن يريد القدوم الى لبنان وهذا الأمر لم يتغير ولكن ما تغير هو أنه ومن بعد ما كان الوافدون من بعض الدول مستثنون من الخضوع للـPCR عند الوصول الى المطار، أصبح على الجميع الخضوع للفحص. “باستثناء الأطفال دون ١٢ سنة”.
ثانياً، من يصل ويخضع للفحص مضطر للتوجه الى فندق لانتظار نتيجته حتى حدود 48 ساعة، وفي حال كانت نتيجة الفحص سلبية يتابع بعدها الحجر لمدة خمسة أيام في مكان إقامته ومن ثم يجري فحص PCR آخر عند اليوم السابع من تاريخ وصوله في أحد المختبرات المصدقة من قبل وزارة الصحة العامة اللبنانية، وذلك على نفقته الخاصة.
أما في حال كانت نتيجة الفحص إيجابية فيجب عليه حينها إتّباع تعليمات وزارة الصحة العامة بهذا الخصوص.
ثالثاً، من يذهب ويعود الى لبنان خلال 7 أيام لم تتغير الاجراءات التي كان يتم الخضوع لها سابقا، أي يسافر ويعود ويخضع لفحص PCR على المطار ثم يغادر ليحجر نفسه في مكان إقامته الى حين صدور تلك النتيجة.