كثرت الأخبار المتداولة حول العالم، في الأيام الأخيرة، عن “اكتشاف” علاجات يمكن استخدامها أو استخدمت في معالجة المصابين بفيروس الكورونا، وتهافت الناس في دول عدة وفي لبنان أيضا لشراء بعض هذه الأدوية من الصيدليات، وهي أدوية استخدمت سابقا لعلاج أمراض مثل الملاريا والسارس. و مؤخرا برز خلط دواء الملاريا مع احد مضادات الالتهاب كعلاج فعال. فما هي حقيقة هذه الأدوية؟ وهل يمكن أن تستخدم في الوقاية من الفيروس؟
أكدت منظمة الصحة العالمية في بيان سابق أصدرته في وقت سابق أنه لا توجد حاليًا أي أدوية معتمدة من قبلها لعلاج فيروس كورونا، ونصحت بعدم الاستخدام الذاتي لمضادات الالتهاب الكورتيكوستيرويدات أو أي أدوية أخرى من قبل المرضى المشتبه بإصابتهم أو حتى من قبل المصابين بهذا الفيروس، طالبة ممن لديه عوارض تتوافق مع عوارض الإصابة بفيروس كوفيد 19 طلب الرعاية الطبية المتخصصة.
بدورها، طلبت وزارة الصحة اللبنانية من جميع الصيدليات الالتزام التام بعدم بيع دواء Doloquine الذي يحتوي على تركيبة hydroxychloroquine ، ودواءNivaquine الذي يحتوي على تركيبة chloroquine إلا بموجب وصفة طبية موحدة صادرة عن طبيب اختصاصي حصرا، مع ضرورة الاحتفاظ بنسخة عن الوصفة. كما طلبت الوزارة من المستوردين والمستودعات التوقف التام عن بيع أي من الدواءين إلا بعد الحصول على موافقة مسبقة من الوزارة.
تستند هذه التحذيرات الى معطيات طبية تفيد بأن هذا الدواء قد يترك اثارا جانبية مميتة، ومضاعفة الجرعة اليومية منه قد تؤدي الى الوفاة، وذلك وفق أبحاث أجريت في مدينة ووهان الصينية على مجموعة من المصابين في شباط الفائت، ما دفع الأطباء في الصين إلى التراجع عن استخدام هذا الدواء الا ضمن أطر وحالات محددة.
كما ذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن تهافت الناس على شراء دواء الكلوروكين أدى إلى نقص حاد فيه، مما يهدد حياة المرضى الذين يتناولون هذا الدواء لعلاج أمراض أخرى مثل التهاب المفاصل الروماتويدي (lupus and rheumatoid arthritis)، كما أشارت تقارير صحفية الى انقطاع هذا الدواء في دول عدة حول العالم.
ما هي العلاجات المستخدمة حاليا لعلاج مرضى الكورونا في العالم؟
كلوروكوين، هيدروكسي كلوروكوين (hydroxychloroquine, chloroquine)
هي أدوية تم استخدامها لعدة قرون لعلاج الملاريا، التي تسببها الطفيليات، على عكس الكورونا الفيروسي. كما لاقت هذه الأدوية نتائج فعّالة في علاج السارس والوقاية منه، وهو فيروس قريب جدا من فيروس كورونا COVID-19. وأشارت مصادر طبية في وزارة الصحة، الى أن هذه الأدوية تستخدم حاليا لعلاج المرضى في مستشفى رفيق الحريري الحكومي. في حين أن دراسات مكثفة حول فعالية وسلامة هيدروكسي كلوروكين لعلاج الالتهاب الرئوي الناجم عن 19-COVID مقدر أن تصدر نتائجها في آب 2020.
هيدروكسي كلوروكوين مع مضاد الالتهاب أزيثروميسين (hydroxychloroquine with azithromycin)
في فرنسا، أشار باحثون في نهاية الأسبوع الماضي إلى أن خلط الدواءين (هيدروكسي كلوروكين + أزيثروميسين) يمكن أن يكون فعالا في علاج فيروس كورونا، وذلك وفق دراسة أجريت على عيّنة من 6 مصابين تناولوا الدواءين كانت فحوصاتهم لناحية فيروس كورونا سلبية بعد مرور ستة أيام. فيما كان تناول دواء الكلوروكين وحده فعالا في علاج بقية العينات (14 مريضا)، ولكن بنسبة 70 بالمئة لناحية تخفيف كمية وجود الفيروس في جسم المريض.
الا أن كلا الدواءين يؤثران على صحة القلب، فيمكن أن يؤدي استخدامهما معا الى احداث ضرر في انتظام ضربات القلب، ما قد ينتج عنه موتا مفاجئا للحالات، خاصة إذا تم كان المريض يتناول أدوية أخرى في الوقت عينه أو إذا تناول كمية غير مدروسة أو غير مناسبة من الجرعات. لذلك توالت التحذيرات من الجهات الطبية من خطورة الاستخدام الذاتي لهذه الأدوية.
لوبينافير وريتونافير (Lopinavir and Ritonavir)
هو الدواء المستخدم في علاج فيروس مرضى السيدا HIV، ويستخدم أيضا في علاج مرض الالتهاب الرئوي الحاد السارس SARS وقد أظهر نتائج ايجابية في تايلاند واليابان حيث استخدم على 135 مصابا بالكورونا في هتين الدولتين، حيث انخفض تأثير الفيروس على المصابين. في مقابل ذلك، وجدت دراسة أخرى أجريت في الصين على 200 مريض حالتهم حرجة بأن هذا الدواء لم يجد نفعا.
ريميدسفير (Remdesivir)
هو الدواء المستخدم في علاج فيروس إبولا، وأثبت نجاحه أيضا في مواجهة فيروسات ال سارس والميرس SARS و MERS، وهما من عائلة فيروس كورونا، ويستخدم حاليا في الولايات المتحدة الأميركية.
أدوية وعقارات أخرى تستخدم لعلاج الكورونا أو بالأحرى للتخفيف من عوارضه على المريض، ومنها الجرعات العالية من الفيتامين c. الا أن هذه الأدوية المشار اليها أعلاه لا يمكن ان يتم تناولها للوقاية من الفيروس دون مراجعة مرجع طبي مختص، كما انها ليست لقاحا.
العلاج الوقائي الذي يمكن له أن يقينا من فيروس كورونا هو لقاح مضاد لهذا الوباء، وهذا ما لم يتم تطويره بعد، ولن يحصل ذلك قبل عام على الأقل وفق تقديرات منظمة الصحة العالمية.
كما تجري حاليا أبحاث حول إمكانية استخدام افرازات من كريات الدم البيضاء من الأشخاص المتعافين من فيروس كورونا، لتعزيز استجابة الجهاز المناعي للأشخاص المصابين بالفيروس أو الذين لم يصابوا بعد، ليصبح في حال نجاح التجارب السريرية دواء ولقاح في آن.
8 مليارات دولار للاستجابة لفيروس كورونا
تحتاج منظمة الصحة العالمية ما لا يقل عن 8 مليار دولار للاستجابة العالمية لفيروس كورونا، وذلك لتطوير اللقاحات والعلاجات المناسبة لمعالجة هذا الفيروس بالسرعة اللازمة. كما لدعم جهود المنظمة في الاستجابة الطارئة، ولتنسيق الجهود ودعم البلدان غير القادرة على مواجهة هذا الوباء وتداعياته، حيث تحتاج إلى ضمان الامدادات الكافية من معدات الحماية للعاملين الصحيين.