أضافت شركة والت ديزني فيلمًا جديدًا إلى قائمة أفلامها التي منعت من العرض في مسارح عدد من دول الشرق الأوسط، بما يشمل ثمان دول عربية، بعدما قرروا منع عرض فيلم الرسوم المتحركة “لايتيير” (Lightyear) من العرض في المسارح المحلية بسبب قبلة بين زوجين من نفس الجنس.
فقد أعلنت بعض الدول العربية، بما في ذلك مصر، الأردن، لبنان، السعودية، البحرين، الإمارات، سلطنة عمان، والكويت، منع عرض “لايتيير” أحدث أفلام شركة بيكسار – الشركة المملوكة لديزني – من العرض في المسارح بعد رفض ديزني حذف مشهد يصوّر قبلة بين زوجين من نفس الجنس، كانت بالأساس محركًا لاحتجاجات موظفات وموظفي بيكسار سابقًا ضد الشركة الأم.
وفي العودة إلى أسباب منع الفيلم، فإنه يمكن الذهاب إلى تغريدة مكتب تنظيم الإعلام في الإمارات، الذي قال – بما يشبه البيان – عبر حسابه الرسمي على تويتر إن منع الفيلم كان بسبب “مخالفته معايير المحتوى الإعلامي المعمول بها في الدولة”، بينما نقل موقع رؤيا أن قرار منع الفيلم الصادر عن هيئة الإعلام الأردنية جاء بهدف الحفاظ “على قيم المجتمع الأردني من أية تشوهات تسيء للنظام العام أو الآداب العامة”.
ووفقًا لمجلة فارايتي المتخصصة فإن الفيلم كان قد حصل على موافقة العرض في مسارح الإمارات، وذلك بعدما أصدرت قرارًا سابقًا بتخفيف القيود الرقابية على الأفلام، وتوجهها لتصنيف مجموعة من الأفلام لمن هم فوق سن الـ21 عامًا، إلا أن قرار منع “لايتيير” صدر بعد الدعوات التي وجهها الجمهور المحلي على منصات التواصل الاجتماعي، بذريعة أن الفيلم يمثل إهانة للمعتقدات الإسلامية.
يروي فيلم الرسوم المتحركة “لايتيير” أحدث الأفلام التي تصل إلينا من سلسلة “توي ستوري” قصة رائد الفضاء باز لايتيير (يؤدي التعليق الصوتي كريس إيفانز)، والذي يجد نفسه يخوض العديد من التحديات في المجرة، بمساعدة رائدة الفضاء أليشا هوثورن (تؤدي التعليق الصوتي أوزو أدوبا)، الذي يتضح أنها وقعت في حب امرأة أخرى من فريق حراس الفضاء، وهو ما يؤدي لاحقًا إلى تصوير مشهد القبلة بينهنّ خلال عقد حفل خطبوتهنّ.
وكان هذا المشهد تحديدًا محركًا لاحتجاجات موظفات وموظفي بيكسار بعدما قررت ديزني حذفه من الفيلم، وهو ما دفعهم إلى توجيه رسالة عبر البريد الإلكتروني لإدارة ديزني يتهم فيها شركة الترفيه العالمية بفرض “رقابة على مواد المثلية الجنسية” في أفلامهم الطويلة، والذي جاء في وقت كانت تتحضر فيه ولاية فلوريدا لتشريع قانون “لا تقل مثلي” الذي يحظر المواد الخاصة بالمثلية الجنسية في المدارس، حيثُ اتهمت الرسالة ديزني بأنها تسعى لأرضاء المستثمرين من خلال منع مشهد القبلة، قبل أن تقرر إعادة المشهد المحذوف إلى نسخة العرض الأصلية من الفيلم.
وهذه ليست المرة الأولى التي تواجه أفلام ديزني منعًا في المسارح العربية، حيثُ كان فيلم “الأبديون” (Eternals) من إخراج كلوي تشاو، أول امرأة تخرج فيلمًا من إنتاج ديزني عن الشخصيات الخارقة، واحدًا من الأفلام التي تقرر منعها في العديد من الدول العربية، وجاء قرار المنع حينها بسبب تتضمن الفيلم مشهدًا حميميًا، بالإضافة إلى قبلة بين حبيبين من نفس الجنس، وهو ما مثل تحولًا كبيرًا في سياسة الاستديو الذي كان يتهم بمنع المحتوى الترفيهي الذي يشير إلى المثلية الجنسية.
وبالعموم مثل فيلم “الأبديون” تحولًا مهمًا في سياسة الاستديو الذي أصبح أكثر توجهًا لتمثيل الفئات المهمشة في صناعة الترفيه العالمية، بما في ذلك تقديمه لمشهد يتبادل فيه بريان تيري هنري (يؤدي دور فاستوس) وهاز سليمان (يؤدي دور بن) قبلة عاطفية، بالإضافة إلى التنوّع الذي كان واضحًا بين طاقم التمثيل، بما في ذلك ظهور أول شخصية خارقة صماء في عالم مارفل السينمائي، والتي أدت دورها لورين ريدلوف (ماكاري).
وبعدها بفترة قصيرة قررت عدد من الدول العربية منع عرض النسخة الحديثة من فيلم الدراما الموسيقي “قصة الحي الغربي” (West Side Story)، وأرجعت الجهات الرقابية سبب منع الفيلم إلى شخصية أنيبوديز التي كُتبت على أنها عابرة جنسيًا في النسخة الجديدة من الفيلم، وأدت شخصيتها الممثلة غير الثنائية أيريس ميناس، وهو ما يندرج في سياسة العديد من الدول العربية التي تفرض حظرًا على الأفلام التي تتضمن أي إشارات أو تلميحات مرتبطة بمجتمع الميم-عين.
كما منعت مجموعة من الدول العربية مؤخرًا عرض فيلم “دكتور سترينج في الأكوان المتعددة المجنونة” (Doctor Strange in the Multiverse of Madness) الذي يعتبر مقدمة للأكوان الموازية في عالم مارفل السينمائي، وهذه المرة جاء قرار المنع بسبب شخصية أمريكا تشافيز (زوتشيتل غوميز)، والتي تظهر في الفيلم بأنها مثلية الجنس، نظرًا لارتدائها ملابس عليها شارة تدل على هويتها الجنسية، وتضمن 12 ثانية من الحوار حول والديها المثليين.
لكن الواضح أن ديزني التي تتحضر لإطلاق منصة ديزني بلس في 42 دولة، بما في ذلك 16 دولة في منطقة الشرق الأوسط، غير معنية بإدخال أي تعديلات، بما يتضمن حذف المشاهد التي تشير إلى المثلية الجنسية من أفلامها القادمة، وهو قرار فيما يبدو يتماشى تمامًا مع استديوهات هوليوود التي أصبحت تأخذ سياسة التنوّع والشمول أعمالها الفنية، بما يضمن تمثيلًا عادلًا للفئات المهمشة في صناعة الترفيه العالمية منذ ظهور حركة “أنا أيضًا” المناهضة للتحرش الجنسي في قطاع الترفيه.
ومع ذلك، من غير الواضح إن كانت الأعمال التي منعت في الدول ذاتها بسبب مشاهد المثلية الجنسية، ستواجه المصير ذاته على منصة ديزني بلس، التي من المقرر أن تكون المنصة الرئيسية لعروض الأعمال الفنية التي تنتجها الشركات المملوكة لديزني، بما في ذلك خدمة هولو التي تبث في الولايات المتحدة، أو إن كانت ديزني ستتجه إلى اقتصاص أو حذف المشاهد التي كانت سببًا بمنع عرض أفلامها في المسارح، وهو ما يترك الإجابة عن هذا السؤال مفتوحة حتى موعد صدور هذه الأفلام على ديزني بلس بعد الانتهاء من فترة عرضها الحصرية في المسارح العالمية.