“بطّاريّات، بطّاريّات… للبيع!”، جملة لطالما أيقظت اللبنانيّين من النّوم صباحاً واعتادوا على سماعها كلّ يوم، لاسيّما في شوارع بيروت الضيّقة وأحيائها المكتظّة.
مع الأزمة الاقتصادية، التي حمّلت المواطنين هموماً لا تُحصى، بينها همّ دفع فواتير الكهرباء، لجأ معظمهم إلى حلّ بديل للطاقة الكهربائية يوفّر على جيوبهم التي باتت فارغة. بوجود هذا الحل أُضيفت جمل وعبارات جديدة إلى قاموس اللبنانيّ، غير أنّ جملة البطاريات ظلّت صامدة وإن تغيّر الهدف من استخدامها، فتحوّلت إلى “بطّاريّات بتضاين خمس سنين”. وعلى الرغم من الظروف المعيشية المتردية، لم تكن الثورة هذه المرة سياسية، ولا اجتماعية، بل ثورة ألواح شمسية وحّدت أشكال سطوح المنازل. فقد ازداد اليوم العمل في مجال الطاقة الشمسية من 130 شركة إلى 800 ، بحسب حديث رئيس المركز اللبناني للحفاظ على الطاقة (LCEC) بيار خوري، للعربي الجديد.
وفي السياق، خلصت نتائج تقرير “غلوبال سولار بانيلز إنداستري” إلى أن قيمة سوق الألواحالشمسية العالمية لامست نحو 50.5 مليار دولار في العام المنصرم (2022)، وفق ما أوردته منصة “غلوب نيوز واير ” الإخبارية.
وتوقع التقرير – الذي استند إلى دراسة تحليلية – ارتفاع هذا الرقم إلى 98.5 مليار دولار بحلول نهاية العقد الجاري (2030).
ولكن من يضمن أن هذه النعمة لن تنقلب إلى نقمة، فتضرّ بصحّة المجتمع كلّه؟ من هنا، لابدّ من السؤال: “بس شو في بعد الخمس سنين؟”
على الرغم من تفاؤل البعض بمستقبل الطاقة الشمسية والطاقة المتجددة الصديقة للبيئة، إلا أن عدداً من الباحثين العلميين والمتخصصين البيئيين يبدون قلقهم من انعكاسات ثورة الألواح الشمسية وكيفيّة إدارة الحجم الهائل من النفايات الإلكترونية التي ستنتج عنها بعد خمس سنوات.
من هنا، تشرح الباحثة البيئية المتخصصة في إدارة النفايات الصلبة في معهد عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية غيدا سوبرة أن نفايات عديدة يمكن أن تنتج عن الطاقة الشمسية من الألواح إلى البطاريّات والكابلات والمحوّلات.
وتلفت إلى أن أنواع الألواح الشمسية تلعب دوراً في تحديد “عمرها” الذي يمتدّ عادة من خمس سنوات إلى خمس وعشرين سنة.
أمّا في ما يتعلّق بالبطاريّات التي تستخدم في هذا الشأن، فتوضح سوبرة أن هناك بطارية “الليثيوم” التي تعدّ قليلة الاستخدام في لبنان، و”جل” و”الليد”، إلّا أن النوع الأخير هو الأكثر انتشاراً في البلد ويدوم حوالي أربع سنوات فقط. هذه الإشكاليّة تُعيدنا إلى طرح السؤال مجدّداً: ماذا سيحصل بعد خمس سنوات على صعيد النفايات الناتجة عن توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية؟
ترفض سوبرة فرضية التعامل مع النفايات الإلكترونية على أنها نفايات صلبة أو الإقدام على حرقها عشوائياً أو طمرها الذي يمكن أن يؤدّي إلى تلوّث في المياه الجوفيّة أو التسبب بحريق لما فيها من موادّ قابلة للاشتعال.
وتؤكّد أن لبنان يفتقد للبنى التحتية والمعدات اللازمة لإعادة تدوير النفايات الإلكترونية لاسيما ألواح الطاقة الشمسية بسبب تصميمها بشكل معقّد. في المقابل، تشير إلى أنّ هناك مراحل عدّة تتّبعها الجمعيات البيئية للتعامل مع هذا النوع من النفايات كتفكيك اللوح مثلاً واستخراج مواد منه كالألومنيوم والزجاج، متحدّثة عن اللجوء إلى تصدير ما لا يمكن للبنان إعادة تدويره.
ومن بين الإجراءات المقترحة التي أشارت إليها سوبرة للمساهمة في حلّ مشكلة النفايات الإلكترونية في لبنان:
- تنظيم عملية بيع البطاريات فيتوجّب عندها على المستورد حيازة ترخيص يسمح له ببيعها وتركيبها للراغبين على أن تكون ذات جودة عالية.
- التشارك في استخدام الألواح الشمسية ضمن كلّ نطاق جغرافي معيّن، بهدف التخفيف من النفايات الصادرة عنها.
- خلق شبكة وطنية للعمل على جمع هذه النفايات، تترافق مع توعية المجتمع إلى ضرورة رميها في نقاط محدّدة.
أمّا عن التدابير التي يجري العمل على تنفيذها عالمياً، فهناك اتّجاه إلى جعل ألواح الطاقة الشمسية أصغر حجماً والتغيير في تصميمها، على أن تكون أكثر فاعليّة، ما يساهم في تقليل النفايات الناتجة عنها وتعزيز القدرة على إعادة تدويرها.
تصميم أعدّته منصة الطاقة المتخصصة – أكبر مشروعات الطاقة الشمسية في العالم: