خضر أنور بوجه مجالس القمع في الجامعة اللبنانية: دفاعاً عن حق الطلّاب بالتنظيم! 

لا تنصف كلمة “شلل” حالة النظام الحاكم في لبنان اليوم، فهو بالنسبة للسلطات الحاكمة نظام نشيط ومستمر في عمليّاته اليومية، وأهمّ مساحات نشاطه هي المنابر التعليمية، الخاصة منها والعامة، وعلى الصعيدَين المدرسي والجامعي. يطال الاقتصاد السياسي الذي يتّبعه النظام أوّلاً المدارس الرسمية، حيث الأجور الزهيدة وغياب المحاسبة وإضرابات الأساتذة التي تأتي كردّ على وعود الوزارات الفارغة. ويطال نظام الحكم الجامعة اللبنانية التي تتضمّن حوالي نصف الطلّاب في لبنان مع غياب أي مجالس تمثيلية ديمقراطية وإفقار ممنهج من قبل السلطات المعنيّة وهيمنة المحاصصة على الإدارة الداخلية. 

النظام وقمعيّته في أبهى الحلل: خضر أنور بوجه إدارات المجالس الطلابية

عقباً لمبادرة قام بها طالب الجامعة اللبنانية والناشط السياسي خضر أنور لتطوير الحياة الاجتماعية الطلابية في الجامعة وسلسلة من حملات التوعية من أجل بيئة اجتماعية سليمة وزيادة النقاشات بين الطلّاب، أتى اعتراض “مجلس الطلاب” على أحد جلسات النقاش العامة. 

“حدّدنا جلسات نقاش عامة. يعترض مجلس الطلاب (قائلاً): [من أنتم؟ ومن الذي أتى بكم؟] بشكل استفزازي”، يوضّح الناشط خضر أنور في مقابلة أجراها مع موقع “بيروت اليوم” نهار الإثنين الماضي (27 شباط/فبراير الماضي) “في جلسة النقاش الثانية، قبل أن تبدأ، يُتَّصَل بي ويتم دعوتي إلى اجتماع يتم تهديدي خلاله”.

في تسجيل للاجتماع الذي حصل بين أنور وممثلّي “المجلس”، يحاول الممثّلون أن يوضحوا أن هذا ليس تهديد، بل هي “رسالة” في أسلوبٍ نظاميٍّ بامتياز. تناولت الرسالة عدم عقد أي جلسات نقاش أو تجمّعات، بمعنى آخر هي رسالة ترجمتها الأولى والأخيرة أن على الطلاب الانكفاء والتخلّي عن أي محاولات لجعل المساحة الطلابية ساحة نشيطة. 

يجدر الذكر أن الجامعة اللبنانية و”مجالسها” المختلفة تقع ضمن النطاق المحاصصاتي للنظام الحاكم، حيث الرئاسة تقع ضمن “حصة حركة أمل” والمجالس الطلابية تتبع أحزاب مختلفة، مع إشارات إلى أن “المجلس الطلابي” الذي “وجّه رسالة” إلى أنور يقع ضمن نطاق حزب الله.  

أمّا ما بعد الاجتماع فبدأت “سلسلة من المعارك” تضمّنت فتح تحقيق وإقامة خيمة من قبل أنور داخل مقرّ رئاسة الجامعة وتحويل الملف إلى العمادة.

يُشير أنور إلى التصعيد التضامني الذي تلقّاه من قبل عدد من المجموعات الطلابية كشبكة مدى والنادي العلماني ومجموعة من الصحفيين وعدد من المحامين، ويُوضح أنّ من بعد “كل هذا الثقل التضامني الذي وُجد مع القضية تمكنّنا من الحصول على ضمانة حقيقية في العمل الطلابي داخل الكليّات، داخل كليّتنا، بموافقة الإدارة”.

يشرح أنور أن بإمكاننا تقسيم هذه الضمانة إلى جزأين: أولى الضمانات هي ضمانة أمنية متعلّقة بسلامته بعد التهديدات الذي تلقّاها. أمّا الضمانة الثانية فهي متعلّقة بحقّ الطلاب في العمل داخل الجامعة. 

لا تزال القضية مستمرة، وبالفعل تم عقد جلسة ثانية، ومن المحتمل أن يكون هناك سلسلة من المتابعات على الأصعدة التنظيمية والقانونية والإدارية، أهمّها آليات لتنفيذ هذه الضمانات وتأمينها من الناحية القانونية والعملية.

الطريق إلى الأمام

لا تزال الجامعة اللبنانية، كما المنابر العامّة الأخرى، تعاني من نهج وسياسات تهميش على الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية والإدارية والسياسية.

على الصعيد الاقتصادي والإداري، لا شكّ أنّ القدرات المادية الحالية للقطاع التعليمي نتيجة الأزمة الاجتماعية وانهيار الليرة اللبنانية باتت في أضعف حالاتها منذ العقود الأخيرة. ولكن يجدر الإشارة إلى أن التهميش الحالي للقطاع الرسمي ليس منعزلاً عن سياسات في الاقتصاد السياسي اتخذها النظام القائم على مرّ سنوات عدّة. من أهمّ أمثلة هذا التهميش هي القيمة الزهيدة التي تلقّتها الجامعة اللبنانية ضمن الميزانيّات الوزارية المتتالية، وانعدام الإرادة لإحداث تغيير نوعي في حوكمة الإدارات الرسمية التعليمية.

أمّا على الصعيد الاجتماعي والسياسي، فلا يزال إشراك الطلّاب والأكثر هشاشة في عمليات اتخاذ القرار وتوفّر الفرص وحياة طلابية تشاركية في حالة غياب شبه تامّة. يظهر هذا الغياب بشكل واضح في قضية الناشط خضر أنور والنهج القمعي الذي تتبعه المنابر التعليمية، حيث حريّة التنظيم الطلابي ومشاركة الطلاب في عمليّات اتخاذ القرار وحتى حريّة التجمّع لا تزال تحت الهجمات المستمرّة والمحاولات لاحتوائها من قبل النظام.

وفي النهاية، يوضّح أنور أن “البوصلة واضحة لأول خطوة في الجامعة اللبنانية… حق الطلاب بالعمل والتكتّل وإقامة النشاطات داخل وخارج الجامعة دون أي قمع أو ترهيب!”.