انسحبت الجهات من استمرارية “ليبان بوست” بعد احتكار دام 23 عاماً، وبعد تأجيل وتمديد مزايدة الخدمات البريدية حتى يوم الأربعاء الفائت، لم تتقدم أي جهة إلى مزايدة تلزيم قطاع البريد.
تداولت على مواقع التواصل الاجتماعي سلسلة شائعات تشير إلى إغلاق قطاع البريد، بينما أوضّحت إحدى الموظفات أن جميع فروع “ليبان بوست” مفتوحة يومياً، وتعمل بشكل طبيعي ولن تتوقف عن العمل.
وصرّح المدير العام للبريد محمد يوسف أنّ “4 شركات اشترت دفتر الشروط وتقدّمت بأمر الدفع وفقاً للأصول، إنما لم يتقدّم أيّ منها للمشاركة في المزايدة، وبما أنّ لا سلطة تشريعية أو قانونية أو قضائية للوزارة بأن تُلزم من يشتري دفتر الشروط بالمشاركة في المزايدة، فإن [ليبان بوست] ستقوم بتسيير المرفق لغاية 30 أيار (مايو) المقبل، أما إذا حصلت مزايدة قبل هذا التاريخ، فيتمّ تسليم القطاع للمستثمر الجديد”.
حاليّاً، يقوم فريق “ليبان بوست” بتصريف الأعمال لغاية انتهاء شهر أيار (مايو) من عام 2023، وأشار وزير الاتصالات في حكومة تصريف الأعمال جوني القرم أن قطاع البريد يضمّ أربعة موظفين، وهذا يعني أن القطاع بحاجة إلى دعم وتمويل سيفتفده بعد انسحاب الجهات التي كانت الدعم المحتكر لأكثر من 20 عاماً.
وإذا حان الموعد في 31 أيار (مايو) من العام الجاري ولم تتقدّم أي جهة الى مزايدة تلزيم قطاع البريد، فسيكمن مصير “ليبان بوست” في أيدي القطاع العام. ونظراً لسوء إدارة “ليبان بوست” القديمة فإن استمرارية القطاع في خطر، مع الأخذ في الاعتبار أن الخدمة أصبحت مترديّة ومتدهورة إلى حد ما. وفي الآونة الأخيرة تم الإبلاغ عن أن خدمة “ليبان بوست” كانت سيئة، ويتضمن ذلك سوء توصيل البريد.
البضائع المطلوبة والخدمات التي يقدمها “ليبان بوست” وصلت أحياناً إلى الزبائن تالفة، وهذا بسبب نقص الموارد والرقابة على العمل المقدم من قبل “ليبان بوست”. وتجدر الإشارة إلى أن احتجاج موظفي “ليبان بوست” على المعاشات المتدنية يشكّل عاملاً أساسيّاً لسوء الخدمة.
وهنا يطرح السؤال نفسه: من سيتولى سوق توصيل البريد إذا أصبحت “ليبان بوست” تحت سيطرة القطاع العام وتدهورت خدماتها؟
صحيح أن خدمة “ليبان بوست” هي الخدمة البريدية الأكثر شيوعاً في لبنان، ويعود ذلك إلى أنها وطنية، إلا أن هناك خدمات بريدية أخرى في لبنان، ولكنها تعود الى شركات عالمية، مما يجعل الرسوم تقارب ثلاثة أضعاف رسوم “ليبان بوست”.
والخدمات التي تقدمها “ليبان بوست” لا تشبه الخدمات التي تقدمها DHL وUPS، وذلك نظراً لوجود فروع لـ”ليبان بوست” في جميع أنحاء لبنان تخوّلها تسليم الرسائل والمعاملات الرسمية.
إذا قرر المواطنون اللبنانيون والمقيمون في لبنان اللجوء الى الخدمات التي تقدمها شركات بريد أخرى مثل DHLوUPS، فهذا يعني أن الأسعار التي ستتقاضاها هذه الشركات ستكون باهظة مقارنةً باسعار خدمة البريد الوطني وذلك بسبب صفتها العالمية.
يتقاضى “ليبان بوست” رسوماً وفقاً للخدمة والمسافة، بينما تفرض DHL – على سبيل المثال لا الحصر – رسوماً على وزن وأبعاد الطرد. علاوة على ذلك، نظراً لتعقيد اتجاهات الطرق في لبنان، فإن مواقع DHL وUPS التي تقدم عادة تقديرات دقيقة للتسليم والنطاق السعري لا تنطبق حقاً على المواقع الإلكترونية المعنية في لبنان.
ما يميز أيضاً خدمة البريد المحلية عن خدمات البريد العالمية الأخرى الموجودة في لبنان هي الشراكة بين القطاع الحكومي و”ليبان بوست”. وعلى سبيل المثال لا الحصر، يستخدم القطاع العام في لبنان الخدمات التي تقدمها “ليبان بوست” عندما يحتاج إلى تجديد الأوراق القانونية أو إنجاز أي معاملات رسميّة.
وبالتالي، فإن كل ما سبق يُظهر أنه في حالة عدم وجود عرض ينقذ “ليبان بوست”، فستتولى الحكومة المسؤولية، وستشهد جميع الجهود المستثمرة في الخدمات البريدية منذ عام 1998 حتى الآن انخفاضاً في الكفاءة، وستدفع بالزبائن إلى اختيار DHL وUPS أو الخدمات البريدية الأخرى التي ستفرض أجوراً باهظة.
إذا توقفت هذه الخدمة البريدية أو تدهورت في لبنان، فكم عدد الخدمات الأخرى المعرضة للخطر؟