القضية لا تخص فقط رانيا حمزة بل هي قضية رأي عام ومجتمع وهدفي حماية الناس… “أنا لا أخاف من أحد وقمت بالخطوة الأولى والباقي تفاصيل”… بهذه الكلمات عبّرت الصحافية رانيا حمزة عما جرى معها مع “الصحافي” حيدر الحسيني.
حمزة لا تعتبر الحسيني صحافيًا أو إعلاميًا بل هو “تاجر” بشر، وأوضحت لـ”بيروت توداي” أن “الحسيني لم يرتكب أفعالًا منافية للأخلاق فقط، بل أن أفعاله تدخل ضمن خانة الاتجار بالبشر، وذلك بحسب التعريفات العالمية لهذا الفعل والتي تنص على أن أي فعل يمارس بالإكراه والضغط بهدف الاستغلال من أجل الربح المالي يدخل ضمن هذا التصنيف”.
وكانت حمزة قد كشفت عن تعرّضها للتحرّش من قبل الحسيني الذي اشترط عليها القيام بعلاقة معه لقبولها في وظيفة كانت تقدّمت لها، ونشرت عبر صفحتها على “فيسبوك” محادثاتها مع الحسيني.
استغلال الفتيات الطموحات
وقالت حمزة: “حيدر الحسيني يدعي مهنة الصحافة ويطل عبر وسائل التواصل الاجتماعي ويدعي أن لديه مؤسسة أو بحاجة إلى موظفين ولكن للأسف هذا الأمر غطاء لممارسة أمور لا أخلاقية ولاستغلال المواطنين”، مؤكدة أن “الصحافة تضامنت معي ولكن الهدف من منشوري هو حماية الآخرين وعدم استغلال الفتيات الطموحات”.
وكشفت أن “ضحايا الحسيني ليسوا فقط إناث، فأوهم العديد من الشبان أنه باستطاعته توظيفهم في بلدان عربية أو لدى منظمات دولية لقاء مبلغ مادي، إلا أن الأضرار في هذه الحالات تكون مادية. أما مع الإناث فإن الاستغلال يكون جنسيًا، خصوصًا لدى الطموحات فترضخ له وتنغر ويلحق بهنّ الأضرار ليكتشفنّ لاحقًا أن ليس هناك عمل أصلًا. فهو ينتحل صفة مدير مؤسسة أخبار لبنان التي يملكها رياض الحسيني الذي سبق أن أعلن أن لا علاقة له به”.
“تفاجأت بالاهتمام الإعلامي في القضية، ولم أتوقع هذا الأمر وهدفي الأساسي من المنشور هو الوصول لأكبر شريحة من المجتمع” قالت حمزة، وقد جمعت الكثير من الأدلة والبراهين التي تثبت تورط الحسيني بأعماله، وفي الفترة اللاحقة سأدعي عليه أمام القضاء.
شكوى
حمزة التي لم تدعِ “حتى الآن” على الحسيني، تقدّم الأخير بشكوى ضدها وضد آخرين ومواقع إلكترونية أمام النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات الذي أحالها إلى مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية والملكية الفكرية للاطلاع وإجراء التحقيقات بحسب صورة عن الشكوى اطلع عليها “بيروت توداي”.
ونفى الحسيني لـ”بيروت توداي” كل الاتهامات التي أثارتها حمزة بحقه، بل ذهب إلى أكثر من ذلك واتهمها بأنها تثير النعرات الطائفية، وشرح أن التحرش يكون إما لفظيًا أو ماديًا، وكلاهما لم يحصلا خلال الاتصال الذي جرى بينهما.
واعترف أنه لا يعرف حمزة سابقًا، وشركته لا تريد صحافية في الوقت الحالي ولو عرف أنها صحافية لما قدم لها عرضه، فالشركة، بحسب الحسيني، بحاجة إلى مديرة مكتب ومسؤولة العلاقات العامة، وأرسل لها تسجيلًا صوتيًا كالتسجيلات الصوتية التي يرسلها لكل البنات، مفاده أن الشركة تريد “فتاة جميلة ومنفتحة ودلوعة”.
تبريرات الحسيني شكّلت استفزازًا للكثيرين لاسيما العاملات في الحقل الإعلامي، فما المقصود بتعبيره أن المطلوب “فتاة جميلة ومنفتحة ودلوعة”، وما المقصود بالمنفتحة والدلوعة؟ ومتى كان الانفتاح والدلع من بين المعايير المهنية؟ تصريحات الحسيني أدانته بالنسبة لشريحة واسعة تعمل في المجال الإعلامي، إذ وصفه البعض بـ”مستدرج الفتيات” حتى وإن لم تتم إدانته من القضاء، حتى اللحظة.
47 موقعًا إلكترونيًا
“من يريد أن يتحرش يستدعي الفتاة إلى المكتب وليس عبر الأون لاين أو عبر التلفون” قال الحسيني، الذي يذكّر بأن لديه 47 موقعًا إلكترونيًا، وهو يمارس الصحافة ولديه ترخيص من وزارة الاقتصاد والمجلس الوطني للإعلام.
وأكد الحسيني أن منشور حمزة تسبب له بأضرار كبيرة مادية ومعنوية، وأدى إلى خلاف مع خطيبته وصل إلى حد انهاء علاقتهما، فمن يعوّض عليه؟
مع الإشارة إلى أن بحق الحسيني دعاوى عدة، ففي تشرين الثاني (نوفمبر) 2020 أوقفته القوى الأمنية بسبب بيعه بطاقات إعلامية لمن ليسوا عاملين في القطاع الإعلامي. وفي حزيران (يونيو) 2021 أوقفه الأمن العام اللبناني في مطار رفيق الحريري الدولي أثناء محاولته الهروب إلى تركيا، وذلك بناء على شكاوى قضائية بحقه تتضمن اتهامات بالتحرش الجنسي والدعارة والنصب والاحتيال. وتعليقًا على تلك القضايا قال إن المجرم بريء حتى تثبت إدانته، مؤكدًا أنه حصل على البراءة من كافة التهم التي وجهت إليه سابقًا.
المخرج جعفر العطار
قضية رانيا حمزة تذكرنا بقضية المخرج جعفر العطار المتهم بقضية تحرش ارتكبها بحق أكثر من 25 شابة، بينما رفعت أكثر من 10 شابات دعوى بحقه مقابل أخريات تعرضنّ للتشهير، وحتى التهديد بالقتل في حال توجهت إحداهنّ إلى القضاء. وحتى اليوم لم يصدر القضاء حكمه في القضية التي يجب أن يطبق فيها القانون الجديد الذي أقر في أواخر العام 2020.
مهنة المتاعب تتطلب من ممتهنيها التيقظ والحذر من كل الأفعال، وتتطلب من نقابة المحررين التحرك فورًا لوضع النقاط على الحروف بدءًا من ضرورة تسجيل كل صحافي في جدولها وصولًا إلى تأمين الحماية له.