Image Credit: Milo Sharafeddine

”التعليم من أجل لبنان“… سلاح يعزّز التسامح والتماسك الاجتماعي

مضى أكثر من عامين ونصف العام على الأزمة الإقتصادية من دون اتخاذ أي إجراء فعلي للإنقاذ، بل هناك المزيد من الإهمال الحكومي حتى وصل لبنان الى أسوأ ازمة إقتصادية عالمية.

الأزمة الاقتصادية أثرت سلباً على جميع القطاعات بينها قطاع التعليم، وبات هناك طلب متزايد على التعليم الرسمي، لكنه في ظل شبه غياب للدولة بدأت الجمعيات المحلية والمنظمات الداخلية والدولية في سد الفراغ وتسعى إلى تأمين الاحتياجات والخدمات الضرورية للمدارس الرسمية والأساتذة والطلاب.

من بين هذه الجمعيات والمنظمات، منظمة “تيتش فور ليبانون”  أو “التعليم من أجل لبنان” (Teach for Lebanon / TFL) وهي منظمة غير حكومية تعمل لضمان حصول جميع الأطفال في لبنان على تعليم ذات جودة، بغض النظر عن خلفيتهم الاجتماعية والاقتصادية.

التعليم الجيّد

وأوضحت المديرة التنفيذية لمنظمة “التعليم لأجل لبنان” سالين السمراني لـ”بيروت توداي” أن “المنظمة تؤمن بأنّ التعليم الجيد ليس مجرد حق إنساني بسيط ولكنّه أيضًا سلاح يعزّز التسامح والتفكير النقدي والتماسك الاجتماعي، مّا يؤدي إلى تحقيق عالم أكثر ازدهارًا وديمقراطية واستدامة. وبالتالي، نعمل بلا هوادة من أجل توفير التعليم الجيد والدعم النفسي وإعادة دمج الأطفال المستضعفين”.

وشرحت أن “نموذج الابتكار التعليمي المعتمد من قبل المنظمة يركّز على بناء قدرات الشباب بهدف توفير تدخلات ذات جودة ودعم منهجي للطلاب”، مؤكدة أن “المنظمة توظّف أفضل الخريجين وتدرّبهم ويطلق عليهم اسم “زملاء التعليم من أجل لبنان”، وتضعهم في المدارس التي تخدم الأطفال المحرومين من اللاجئين والأطفال اللبنانيين”.

وإذ اعترفت بأن هناك نقصاً بالترويج الإعلاني والإعلامي لعمل المنظمة ونشاطها، وضعت رقم هاتفها في خدمة من يريد التواصل معها: 01743754.

وأشارت إلى أن “الزملاء يحصلون على تدريب ودعم مستمرين لمعالجة المشاكل التعليمية من خلال توفير التدريس التحويلي الذي يضع طلابهم على طريق النجاح الأكاديمي، وتوسيع آفاق طلابهم ورؤاهم لمساعدتهم على تحقيق إمكاناتهم الكاملة، والعمل مع الطلاب والمدارس والمجتمع المحلي لتغيير العقليات من خلال القدوة والدعم، وتطوير الأنشطة اللامنهجية، وتنظيم ورش عمل ومشاريع مجتمعية لعائلات الطلاب وقادة المجتمع”.

وإذ لفتت إلى أن “الزملاء يعملون في دور الأيتام والمدارس شبه المجانية والمدارس الرسمية، في التعليم النظامي وغير النظامي، ويغطي برامج الانتقال الأول والثاني من أجل تأمين خدمات عالية الجودة للأطفال المحرومين”.

وشددت على أن “الزملاء يقدمون الدعم النفسي-الاجتماعي لطلابهم من خلال الأنشطة الترفيهية والتدخلات النفسية -التربوية في التدريس”، معتبرة أن “هذا الأمر يعتبر ذلك حلًّا فعّالًا يساعد الأطفال على التغلب على الصراعات النفسية، وبالتالي يطلقون العنان لإمكاناتهم الكاملة في التعلم والإدراك والاتزان العاطفي، مما يحسّن أداءهم الأكاديمي”.

اعضاء فاعلون

“لا يقتصر دوري كأستاذ في هذه المدرسة على التعليم فحسب، بل يتخطى الأمر ذلك. فنحن معنيون بتطوير وتحضير هؤلاء التلاميذ للمستقبل وليكونوا أعضاء فاعلين في مجتمعهم، وبمعنى آخر، نسعى لتحضير قادة المستقبل”… بهذه الكلمات وصف الأستاذ (الزميل) أحمد بغدادي طبيعة العمل في المنظمة، وأوضح لـ”بيروت توداي” أنه “يعمل أستاذاً لمادة الرياضيات مع المنظمة وتم وضعي في مدرسة ساهغيان في سن الفيل”.

وأشار إلى أن “المنظمة تستهدف المجتمعات ذات الدخل المنخفض وفي المناطق المحرومة. وتهدف إلى تقديم تعليم ذي جودة عالية لهؤلاء التلاميذ”.

وشرح أن “المرشحين الذين يتقدمون للعمل في المنظمة يخضعون لسلسلة من الاختبارات بهدف اختيار الأشخاص ذوي الكفاءة ومن يستطيعون حمل رؤية الجمعية، فعلى سبيل المثال، تم اختيار 60 أستاذاً من أصل 2300 شخص كانوا قد تقدموا هذا العام”. 

وشدد بغدادي على أن “الأساتذة المختارين يخضعون لتدريبات تبدأ مع المعهد الصيفي “Summer Institute”  وهي دورة تدريبية لمدة 6 أسابيع (من الإثنين للجمعة) يتلقون فيها تدريبات مكثفة تحضرهم للتعامل مع كافة السيناريوهات وتقدم لهم أفضل وأحدث طرق التدريس.

ولا يتوقف التدريب على المعهد الصيفي فحسب، بل يتلقى الأساتذة دورات شهرية تضيف من معرفتهم على مختلف الصعد لتمكنهم من تقديم أفضل ما لديهم لتلاميذهم”.

كما أوضح أن “الأساتذة يتوزعون على مدارس في مختلف المناطق اللبنانية كأساتذة لمدة سنتين، وإلى جانب واجب التعليم الأساسي الذي يقوم به هؤلاء الاساتذة، يقومون بنشاطات لامنهجية تسعى إلى تسليط الضوء على جوانب مختلفة من الحياة، فالبعض يختار التركيز على أهمية القراءة والبعض الأخر يركز على ظواهر حياتية مثل الاحتباس الحراري والطاقة البديلة”.

“يعلموننا عن الحياة”

حديث الأستاذ ينسجم مع كلام التلميذة التي شددت على أن أساتذة (TFL) “يعلموننا الحياة”، وقالت غاسيا نورشاهيان ابنة 17 عاماً لـ”بيروت توداي”: “تخرجت من المدرسة هذه السنة، وحصلت على درجة جيدة جداً في امتحانات الثانوية العامة (البكالوريا-القسم الثاني)”. 

وشكرت “أساتذة (TFL) على كل الاهتمام الذي أظهروه لنا طيلة السنوات الماضية. فهم يعلمونا مواد بالصف ويعلموننا عن الحياة، ويعطونا معنويات ويشجعوننا كي نشارك بنشاطات ومواقف نواجهها بحياتنا اليومية لاكتشاف مهاراتنا وامكانياتنا ومواهبنا”.

وأعربت عن سعادتها لأنها تخرجت وحصلت على درجة جيدة جداُ، وقالت باللغة الإنكليزية: “إذا كان هناك أمر لا أستطيع نسيانه فهو وجود أساتذة من (TFL) دخلوا حياتي وساعدوني على إنشاء مهمتي ورؤيتي للمستقبل، ووضعوا البسمة على وجهي طيلة فترة دراستي معهم”.

وانطلقت المنظمة (لبنانية غير حكومية) في العام 2008، ونشطت أعمالها في الآونة الأخيرة بعدما بات الاقتصاد اللبناني على حافة الانهيار بسبب أزمة المديونية ووصل حجم الدين العام أكثر من 150 في المئة من الناتج الإجمالي، ليكون بذلك من أعلى معدلات المديونية في العالم.

في ظل فساد السلطة وعدم قدرة الدولة على تلبية احتياجات المواطنين، تبقى المنظمات المحلية والدولية والجمعيات حاجة ملحة للمجتمع من أجل الاستمرار ومواجهة الأزمات الاقتصادية والسياسية.