اللاجئون السوريون في لبنان… انتهاكات أثناء التحقيقات الأولية واعتقالات تعسفية

وثّق مركز “وصول لحقوق الإنسان” 164 حالة اعتقال تعسفي بحق اللاجئين السوريين في لبنان خلال العامين الماضيين، مؤكداً أن الانتهاكات التي يتعرض لها السوريون في لبنان يشكل تهديدًا حاسمًا لمصداقية القضاء في البلد.

وتحت عنوان: “موجز حول ظروف اللاجئين السوريين المحتجزين في لبنان: محاكمات غير عادلة تعذيب وإساءة معاملة”، قدّم مركز (ACHR) تقريراً ملخّصاً عن ظروف اللاجئين السوريين المحتجزين لدى السلطات اللبنانية، وشرح الظروف الصعبة في أماكن الاحتجاز وأساليب التحقيق والاستجواب، وبيّن نتائج المحاكمات التي لا تستند إلى أدلّة وإثباتات، لاسيما أولئك الذين ليس لديهم فرصة لتوكيل محامي دفاع على نفقتهم الخاصّة. 

ولاحظ التقرير أن الاعتقال والاحتجاز التعسفي يعدان من أبرز الانتهاكات التي يتعرض لها السوريون في لبنان سواء كان من أماكن عملهم، من أمام منازلهم، من المؤسسات التابعة للحكومة اللبنانية أو على الحواجز الأمنية المنتشرة داخل الأراضي اللبنانية، كاشفاً عن تسجيل 139 حالة اعتقال تعسفي خلال العام 2021، و25 حالة خلال العام 2020 منها ست حالات جماعية.

وشدد التقرير على أن الاعتقال التعسفي يشكل تهديدًا حاسمًا لمصداقية القضاء في لبنان، لأنه يحدّ من فعالية وقوة نظام العدالة، ففي ظل غياب الشفافية ونظام قضائي عادل ومستقل في لبنان، تنتشر الانتهاكات أثناء التحقيقات الأولية، المحاكمة والاحتجاز ولا تقتصر المخالفات القانونية على أوضاع السجون فحسب، بل تشمل أيضًا انتهاكات جسيمة لحق الفرد في محاكمة عادلة، وحق الاتصال بأحد المعارف أو محامٍ، وحتى حق توكيل محامٍ، وغيرها من الحقوق.

مركز “وصول”

ومركز “وصول لحقوق الإنسان” (ACHR) هو جمعية حقوقية غير ربحية وغير حكومية مقره بيروت وباريس، تأسس في لبنان عام 2017 وأعيد تأسيسه في فرنسا عام 2020. يضم مجموعة من الناشطين ذوي الخبرة في مجالات القوانين والمناصرة المحلية والدولية. وانطلق بنشاطه من لبنان لإيمانه بدعم واقع حقوق اللاجئين في وقتٍ ارتفعت فيه الانتهاكات الجسيمة بحقّهم. 

ويعمل المركز بشكل متخصص في مراقبة حالة حقوق الإنسان للاجئين، وينشر إصدارات دورية حول قضايا الانتهاكات الجماعية بهدف التوعية والمناصرة الدولية بغرض ضمان حق الكرامة الإنسانية في بلدان اللجوء لحين عودتهم الطوعية والكريمة والآمنة إلى بلدهم الأصلي.

وأوضحت مديرة البرامج في (ACHR) مارييل الحايك لـ”بيروت توداي” أن “التقرير الذي صدر في 14 آذار  يهدف إلى تقديم معلومات موثّقة، غير متحيزة، حول الانتهاكات الحقوقية الممارسة من قبل السلطات اللبنانية، إضافة إلى سلسلة من الاقترحات المبنية على نتائج 3 سنوات من التوثيق والذي ساعدنا على طرح القضايا بشكل أعمق”.

 وأكدت أن “التقرير الجديد هو خطوة تدعم نقاط عمل المناصرة الدولية التي نقوم بها بهدف تسليط الضوء على ممارسات لبنان تجاه حقوق الإنسان في البلاد”.

وقالت: “قبل أن نوصي لبنان بأي شيء، يجب على جميع مؤسسات المجتمع المدني العمل بشكل جماعي على بناء قاعدة يُستند عليها من أجل تغيير الواقع المرير في لبنان، لاسيما واقع السجون”.

ازدحام السجون

ويعد لبنان من بين أولى دول الشرق الأوسط من حيث اكتظاظ السجون ومراكز الاحتجاز، وتعود مشكلة ازدحام السجون إلى ما قبل عام 2011 وسببها عرقلات إدارية، قضائية وقانونية،  تشمل الوقت الطويل الذي تستغرقه المحاكمات والتي قد تأخذ أشهراً عدة وربما سنوات.

وبحسب التقارير الدولية والمنظمات الانسانية، فإن الظروف الصحّية والصحة العامة في معظم السجون اللبنانية لا تتماشى مع المعايير الدولية، إذ تفتقر معظم السجون في لبنان للاحتياجات الأساسية من تواجد أطباء وتوفير أدوية أساسية للمحتجزين.

اعتقالات تعسفية

ووثّق مركز “وصول” خلال العام 2021، تعرّض أحد المحتجزين للتعذيب خلال جلسات التحقيق لدى مخابرات الجيش اللبناني ووزارة الدفاع وقد وافق على تُهم تم توجيهها إليه بعد أن تمنّع المحققون من إعطاء المعتقل الحق بتوكيل محام أو حتى التواصل مع جهة قانونية قادرة على تمثيله. 

ويشكل غياب ممثل قانوني أن يزيد كل من خطر التعذيب، وإساءة المعاملة وحصول الجهات الأمنية على الاعترافات بالقوة أو حتى الموافقة على تُهم غير صحيحة، أو اعتراف المحتجزين بأفعال لم يقوموا فيها لإيقاف الضغط والتعذيب.

ووثق المركز أيضاً حالة أخرى خلال العام 2021، لمحتجز لم يتم عرضه على قاض ومحاكمته حتى بعد مرور أكثر من سنة على اعتقاله واحتجازه في سجن روميه. وكان قد منع من توكيل محام أثناء فترة التحقيق الأولية، حيث تعرض إلى التعذيب والضرب من قبل فرع المعلومات بهدف انتزاع الاعتراف منه.  

وفي حالة مشابهة وثقها أيضًا (ACHR) خلال العام 2021 لشخص آخر محتجز في سجن روميه لأكثر من سنتين من دون أي محاكمة، ومن دون أن يتم توكيل محام له. تعرض هذا الشخص للتعذيب أثناء التحقيق بهدف نزع اعترافات منه، حتى أن اعترف أخيرًا بالتهم المنسوبة له نتيجة التعذيب بعد أن أصيب بمرض في رأسه وعينه نتيجة الضرب المبرح إلى أن أصبح بحاجة لعملية انفصال الشبكية ولكن ترفض إدارة السجن تأمين العلاج اللازم له.  

بعد استعراض هذه الحالات، لا بد من ضرورة تسليط الضوء على أوضاع اللاجئين المحتجزين في السجون اللبنانية، وعلى الانتهاكات التي يتعرضون لها أثناء التحقيق، والمحاكمة والاحتجاز.