سعد الحريري مُعلقًا عمله في الحياة السياسية ومصير تيار المستقبل مهدد بالزوال

بعدما أعلن رئيس تيار المستقبل والقائد السني الأبرز سعد الحريري تعليق عمله في الحياة السياسية هو وتيار المستقبل، سادت حالة من الفوضى في الشوارع السنية مترافقة مع عدة تحاليل وتكهنات عن السبب الفعلي وراء اتخاذه هكذا قرار.

بالرغم من أن مسار سعد الحريري في الحياة السياسية اللبنانية كان متفاوتًأ ومليئًأ بالانسحابات، ألا إن تعليق عمله وتياره تمامًا من الساحة السياسية شكًل صدمة عند القاعدة السنية وأعضاء تيار المستقبل.

فأطل عليهم يوم الاثنين في بيان مباشر يُعلن فيه عن قراره بقوله: “من باب تحمل المسؤولية أيضًا، ولأنني مقتنع ان لا مجال لأي فرصة إيجابية للبنان في ظل النفوذ الإيراني والتخبط الدولي، والانقسام الوطني واستعار الطائفية واهتراء الدولة، أعلن التالي، أولا، تعليق العمل بالحياة السياسية ودعوة عائلتي في تيار المستقبل لاتخاذ الخطوة نفسها وثانيًأ،عدم الترشح للانتخابات النيابية وعدم التقدم بأي ترشيحات من تيار المستقبل أو باسم التيار.”

بين تكهنات لم تتوقف منذ إعلانه عن تنحيه، البعض يقول أن الحريري يعتبر نفسه سبب ما يحدث في لبنان وأنه سلّم البلاد لأيدي حزب الله وإيران والبعض يقول انه علّق عمله بقرار سعودي من ولي العهد محمد بن سلمان.

رفع الدعم السعودي عن سعد الحريري

في السياق يُجيب المحلل السياسي، سركيس أبو زيد عن السبب الفعلي لقرار الحريري قائلًا: “قرار سعد الحريري له أسباب عديدة متراكمة عبر السنوات الأخيرة أولها: العلاقة بين الحريري والسعودية ليست على ما يرام منذ فترة فهو لم يعد المعتمد الأول والأساسي لها كما كان سابقًا. إضافّة إلى أن الوضع الاقتصادي لسعد الحريري في السعودية لم يعد كما كان سابقًا ولم يعد مدعوم”. مردفًا أن لا شك بأن السعودية غير راضية على الحريري كما دفعت بشكل مباشر أو غير مباشر إلى تجميد عمله السياسي.

سوء إدارة الحريري 

أردف أبو زيد قائلًا: “السبب الثاني هو أداء الحريري في السنوات السابقة  فكان هناك فشل واضح لفريق 14 آذار الذي لم يتمكن من تحقيق برنامجه ولم يستطيع أن يُوحد أهدافه ولم يكن لديه ادارة موحدة وسليمة مما أدى إلى تفكك هذا الفريق ولم يستطيع الحريري أن يكون القطب الذي يوحد ويعمل على التوازن السياسي الداخلي كما لم يكن له دور فاعل في الحياة السياسية.” مُشيرًا إلى أن بسبب الخلل في التوازن في 14 آذار والناتج عن سوء إدارة هذا الفريق تم اتهام سعد الحريري بأنه يُفسح المجال للفرق السياسية الأخرى بالنفوذ  ومنها 8 آذار وعلى رأسهم الثنائي الشيعي تحديدًا.

وتابع أبو زيد قائلأ أن الحريري يتحمل  جزءًا من مسؤولية الوضع الاقتصادي والمالي الذي يعيشه لبنان مُرجعًا ذلك لأن الحريري كان  لفترة طويلة من الزمن صاحب القرار الأساسي في القرارات الاقتصادية والمالية وكان على رأس الحكم وبشكل أساسي في السلطة. مردفًأ:”الحريري بشكل من الأشكال مسؤول عن “صفقة الرئاسة” ما انعكس سلبًا عليه وعلى العهد”. 

مصير تيار المستقبل مهدد بالزوال

كما تُشير الوقائع إلى احتمال كبير بزوال تيار المستقبل ما لم يتم تدارك الأمر بخطة بديلة وحكيمة، فطبيعة السياسة اللبنانية تلعب دورًا كبيرًا في هذا الموضوع خاصًة أن الأحزاب التي سعى إلى الاستمرارية والدوام يجب عليها ختمًا المشاركة في السلطة بأي شكل من الأشكال. هذا ما حُرم منه التيار بعض قرار الحريري.

وعن مصير تيار المستقبل يقول أبو زيد: “موقف سعد الحريري سينعكس سلبًا على تيار المستقبل من جهة المزيد من الخلافات ومزيد من الانقسامات والتجاذبات داخل صفوفه مع ترك احتمال بأنه إذا كان هناك خطة بديلة ربما يستطيع أن يستفيد منها ليعود. كل شيء وارد في طبيعة السياسية اللبنانية  ولكن بشكل أساسي سيواجه التيار تحديات مصيرية ربما تؤول إلى زواله”.

ترشح بعض الشخصيات من تيار المستقبل بشكل فردي هو احتمال وارد وجدي خصوصًا الشخصيات ذات الفاعلية في بعض المناطق اللبنانية. وفي المقابل لن تتمكن بعض الشخصيات من الترشح وذلك لعدم قدرتهم على تغطية نفقات الحملات الانتخابية التي كان يقدمها لهم التيار.

إنسحاب سعد فرصة لبهاء الحريري

وتابع أبو زيد مستطردًا: “هناك فرصة لبهاء الحريري ولكن هذه الفرصة لا يمكن أن تكون إيجابية إلا إذا قدم برنامج وأسلوب تحرك مختلف عما شهدناه منه حتى الآن”.

وعن القائد السني الجديد أنكر أبو زيد وجود أي بديل حالي لسعد الحريري معتبرًا أن كل الأقطاب السنية لا تستطيع استبدال مكان الأخير. وأردف قائلًا: “الساحة السنية ستكون منقسمة ومشرذمة ولا يجمعها قائد واحد بعد سعد الحريري”.

تداعيات موقف الحريري على كل من الساحة المحلية والإقليمية والعالمية

وعن تداعيات موقف الحريري محليًا فقال أبو زيد أن ستتضرر بعض القوى السياسية بسبب غياب الحريري لأنها كانت مستفيدة من دوره في الساحة ومن تسجيل أصواته.

أما على الصعيد الإقليمي والدولي يقول أبو زيد: “لبنان سيشهد مرحلة انتقالية، مرحلة من الفوضى ربما يستفيد منها البعض ببعض الأحداث الأمنية وربما ستكون مخرج”.

بالرغم من سوء الوضع الذي يمر فيه لبنان، تبقى الأحزاب السياسية تبحث عن مسؤول واحد تحمله مسؤولية ما آلت إليه البلاد بينما يبقى المظلوم الوحيد هو الشعب اللبناني الذي أصبح كل همه هو تأمين قوت يومه ليعيش في وطن أبعد ما يكون عن وطن.