منذ 21 شباط 2020 تجتاح جائحة كوفيد 19 لبنان مسجلة نحو 4700 حالة وفاة وأكثر من 375 ألف اصابة، حتى بات البلد موبوءاً، نتيجة تراخي المواطنين بإجراءات السلطة والانفلات التام في بعض المناطق من جهة، وغياب الخطط الحكومية ومقومات صمود الناس في منازلها من جهة أخرى.
فالجائحة التي لم تميز بين لون أو جنس أو طائفة أو جنسية واجتاحت العالم حصلت خلالها انتهاكات في لبنان طالت اللبنانيات المتزوجات من أجانب وأسرهن، فكانت عبئاً مزدوجاً على المرأة اللبنانية نتيجة قوانين عنصرية لا تراعي أدنى حقوق الإنسان.
تمييز فاضح
“كل يوم تطالعنا حكومتنا بالتمييز الفاضح والعنصرية تجاه النساء اللبنانيات في كل قرار تتخذه لمساعدة المواطنين اللبنانيين تنتهك فيه حق المواطنات اللبنانيات”… بهذه الكلمات وصفت الناشطة الحقوقية ومنسقة حملة “جنسيتي حق لي ولأسرتي” كريمة شبو لـ”بيروت توداي” القرارات الصادرة عن الحكومة في ظل جائحة كورونا.
وأوضحت شبو أن تأثير وباء COVID-19 مضاعف وكبير على أسر النساء اللبنانيات المحرومات من منح جنسيتهن لأسرهن وفقا لقانون الجنسية التمييزي وذلك باعتبار هم/ن أجانب، اي ليسوا مواطنين لبنانيين وهذا ما يحرمهم من تقديمات عدة (علماً أن المواطن اللبناني يشعر بضائقة حتى بوجود أي من التقديمات) فكيف اذا بأسر النساء اللبنانيات . فانها تحرم واسرتها من أي تقديمات كما انها لم تكن مشمولة باي خطة لادارة الأزمة أو حالة الطوارئ.
وحملة “جنسيتي حق لي ولأسرتي” تطالب بالعدالة والمساواة التامة والكاملة بين النساء والرجال، وتهدف إلى المساهمة في تحقيق المواطنة الكاملة للنساء العربيات من خلال إصلاح قوانين الجنسية والتنفيذ الكامل لإتفاقية إلغاء جميع أشكال التمييز ضد المرأة.
فيلم وثائقي
وأطلقت الحملة و”مجموعة الابحاث والتدريب للعمل التنموي ” بالشراكة مع “مؤسسة فريدريش ايبرت” فيلماً وثائقياً بعنوان COVID-1925: Stop Discrimination سلّط الضوء على الانتهاكات التي طالت النساء اللبنانيات المتزوجات من أجانب وأسرهن خلال جائحة كورونا .
وربط الوثائقي انطلاقاً من العنوان بين تأثير قانون الجنسية الصادر عام 1925 والذي يحرم النساء اللبنانيات من منح الجنسية لأسرهن باعتباره أشد فتكاً من فيروس COVID-19، لكونه يمنع النساء اللبنانيات وأسرهن من الوصول للحقوق الأساسية والبديهية بالحرمان من الجنسية التي هي لصيقة بمفهوم المواطنة.
طالبت الحملة من لبنان أن يقارب قضية حقوق النساء من منظار العدالة والمساواة، بعيداً عن الحجج الواهية التي ترددها المنظومة الذكورية. وأن يسعى إلى تعديل قانون الجنسية التزاماً مع المعاهدات والاتفاقيات الدولية، وكذلك العمل على رفع كافة التحفظات عن اتفاقية سيداو.
وأكدت على انه واجب على الدولة، معاملة أسر النساء اللبنانيات المتزوجات من أجانب بالمثل مع اللبنانيين، ضمن كافة التدابير والاجراءات والقرارات، والمعاملات، التي تصدرها وتتخذها من اجل الغاء كل انواع الاجحاف ومن أجل مواجهة أي أزمة أو جائحة مستجدة او يمكن ان تستجد ليكن لبنان وطن لكل مواطنيه نساءاً ورجالاً.
ووثق الفيلم الوقائع والشهادات المصورة المسار الذي واجه النساء اللبنانيات وأسرهن في ظل القرارات والتدابير التي اعتمدتها الدولة في الإجراءات كافة خلال اغلاق البلاد وبعده وخلال التعبئة العامة والحجر. ومنها الاحتجاز في الخارج، الحرمان من المساعدات وغيرها من الاستحقاقات.
أبرز الإنتهاكات
وعددت شبو لـ”بيروت توداي” أبرز الانتهاكات في ظل الجائحة عوماً وخلال اقفال البلاد خصوصاً:
• الحرمان من التقديمات الاجتماعية والصحية.
•الحرمان من “المعونات” أي مما تقدمه هيئة الاغاثة المنوطة بالبلديات وكذلك الوزارات المختصة كوزارة الشؤون الاجتماعية وغيرها.
• مشاكل اقتصادية ومادية جمة تسجلها شكاوى يومية في غياب اي خطة سابقة او حالية من شأنها أن تسمح لغير اللبناني من الولوج لأي امتيازات.
•توقف العديد من أسر النساء عن العمل بسبب عدم وجود قانون حماية لهم/ن. مما انعكس بضائقة مالية كبرى على الاسرة وخاصة بعد فقدان الدخل الشهري او اليومي.
• الحرمان من أي إعفاءات اتخذتها الدولة في هذه الظروف من أي تسهيلات.
•عدم استفادة أسر النساء اللبنانيات من أي إعانة قدمتها وستقدمها الحكومة للعمال “المياومين” اي العاملين بشكل يومي مثل عمال البناء، والتاكسي، وغيرها.
•حرمان النساء اللبنانيات من الحصول على المساعدة المادية (400 الف ليرة لبنانية) للعائلات التي خصصتها الدولة وتم توزيعها في المدارس. ووثقت حملة “جنسيتي حق لي ولأسرتي” نحو 275 حالة.
•لم يشمل قرار الحكومة عند وضعه آلية عودة اللبنانيين من دول الاغتراب في ظل أزمة الكورونا أسر النساء اللبنانيات وصنفنا المشكلات وفقا للعديد من الشكاوى بنقطتين:
– عدم قدرة الأمهات والنساء اللبنانيات الموجودات بالخارج من العودة الى لبنان وذلك لعدم السماح بعودة ازواجهن واولادهن ( لان الاولاد والازواج لا يحملون الجنسية اللبنانية ) والعودة مرتبطة باللبنانيين واللبنانيات فقط، ووثقت حملة “جنسيتي حق لي ولأسرتي” نحو 258 حالة.
– عدم قدرة اولاد او ازواج العديد من النساء والأمهات اللبنانيات الموجودات في الداخل اي لبنان ولكن ابنها او ابنتها يتابعون دراستهم/ن في الخارج او الزوج كان في زيارة للخارج او يعمل في الخارج . بحيث العديد منهم/ن عند تقديم طلبات العودة أبلغتهم/ن السفارات في بلاد الاغتراب أنه لا تشملهم آلية العودة لأن العودة هي فقط لحاملي الجنسية اللبنانية والاولوية للبنانيين فقط . ووثقت حملة “جنسيتي حق لي ولأسرتي” 143 حالة تتعلق بالتلاميذ و182 حالة تتعلق بأزواج اللبنانيات.
اجحاف في القانون
وأوضحت شبو ان هذه المشاكل كلها ما هي إلا تبعات الاجحاف الحاصل في القانون وعدم المساواة بين النساء والرجال في قانون الجنسية الذي ينعكس سلبا على النساء وأسرهن ويحرمهن من الوصول لأي حقوق اقتصادية واجتماعية ومدنية وصحية وغيرها. وكذلك عدم نظر الحكومة في أي قرار تصدره من شأنه حماية اللبنانيين الى النساء اللبنانيات واسرهن باعتبارهن استثناء ومعاملة أسرهن اسوة باللبنانيين في اي قرار تتخذه .
ودعت إلى “أنسنة كل القوانين التمييزية وخصوصا قانون الجنسية الإنساني والظالم ضد النساء وأسرهن عبر رفع التمييز، وتكريس مبدأ المواطنة الفاعلة والكاملة بين الجميع، وإلغاء الانتهاكات التي تمارس باسم قانون بالي عمره من عمر عقود خلت. قانون يمارس عنفا قانونيا تعود تبعاته على كل مجالات حياة النساء اللبنانيات المتزوجات من رجل غير لبناني وأسرهن والحرمان من الوصول إلى الحقوق الأساسية كالصحة والتعليم والعمل والمشاركة في المسابقات الرياضية وممارسة المواهب وغيرها، عدا عن التبعات النفسية التي تدفع فاتورتها النساء اللبنانيات غاليا”.
توزيع اللقاحات
وعن اعطاء اللقاحات لكل المقيمين في لبنان بغض النظر عن جنسيتهم، أوضحت أن “إعطاء اللقاح لأولاد المرأة اللبنانية أو زوجها الأجنبي ليس منّة من الدولة اللبنانية، لأن البنك الدولي حدد بموجب القرض المخصص للبنان أن يشمل اللقاح لجميع الأشخاص على الأراضي اللبنانية، في حين لو تركنا الأمر للسلطة اللبنانية لكان الأمر مختلفاً”.
وقالت: “يجب معاملة أي إنسان مقيم على الأراضي اللبنانية في كل أزمة أو طارئ أو جائحة تماماً كمعاملة أي مواطن لبناني، فيجب النظر إليه بصفته الإنسانية بعيداً عن التمييز العنصري، فجائحة كورونا لم تميّز بين الأشخاص بل تصيب الجميع وأي شخص يصاب بالفيروس يعدي الآخرين”.
باختصار، طالبت شبو بمعاملة اولاد واسر النساء اللبنانيات بالمثل كما يعامل اولاد واسر الرجال اللبنانيين من دون اي تمييز او استثناء وانه لمن المعيب ان تذل النساء والأمهات اللبنانيات في وطنهن لبنان.