Credit: Freepik

هل تسلك الثورة القضائية مسارها الدولي؟  

“ترقبوا المرحلة الجديدة، وأولى خطواتها كل قاضٍ لا يفك اعتكافه ابتداء من الأسبوع المقبل سنباشر بإجراء مداعاته في لبنان والخارج. اللهم قد بلّغت”… هذا الإعلان هو جزء من منشور فيسبوكي نشره القاضي “الموقوف عن العمل” شادي قردوحي.

وقردوحي هو قاضٍ منفرد جزائي ومستشار منتدب لمحكمة الجنايات في جبل لبنان، اعتكف عن مهمته المنتدب إليها إثر تنحّيه عن ملف يتصل بجريمة قتل لعدم إتاحة طرح أسئلته على المتهم، ليعاود عمله في مركزه الأصيل. 

عريضة الثورة القضائية 

وأطلق “القاضي الثائر” عريضة “الثورة القضائية” في حزيران (يونيو) 2022، لـ”تطهير القضاء من القضاة الفاسدين”، وقّعها حتى الآن قرابة أربعة آلاف شخص، ورأى أن “توقيع العريضة المؤيدة للثورة القضائية في هذه المرحلة الدقيقة جدًا ما بين سلطة تنكرنا وتسعى لتصفيتنا وبين حلم اقترب من الحقيقة أمر فاصل”.

وتهدف العريضة عندما تصبح موقعة من عشرة آلاف مواطن لبناني يمكن رفعها إلى الاتحاد الأوروبي والجامعة العربية وغيرهما للوقوف عند حالة القضاء في لبنان ما تسهل ملاحقة القضاة الفاسدين وأموالهم في الخارج.

 ويعتكف قضاة لبنان عن ارتياد المحاكم وقصور العدل منذ أكثر من ستة أشهر (راجع الموضوع السابق للكاتب)، في وقت يزور لبنان وفود أوروبية تضمّ مدعين عامين وقضاة تحقيق ومدعين عامين ماليين من ألمانيا ولوكسمبورغ وفرنسا (…) ستصل إلى بيروت تباعًا بين 9 و20 كانون الثاني (يناير) 2023 لاستكمال تحقيقات عالقة في قضايا مالية مرتبطة بحاكم المصرف المركزي رياض سلامة، ومسؤولين في مصرف لبنان ومدراء مصارف تجارية.

ويلاحَق القاضي قردوحي بشكوى بطلب من مجلس القضاء الأعلى على النيابة العامة على خلفية منشورات على “الفيسبوك” والذم بالقضاء. وطلب بواسطة وكلائه رد رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود لأنه سينظر بطلب رد قاض في هيئة محاكمته تأديبيًا لوجود حالة من النفور والفتور في العلاقة بينهما لإعلانه الثورة القضائية، على ما ذكر في الطلب المنشور على صفحته.

صيف وشتاء 

الصحافي المتخصص في الشؤون القضائية يوسف دياب أوضح لـ”بيروت توداي” أنه “لا شك أن الحالة التي يعبر عنها قردوحي هي حالة غضب وامتعاض تنتابه وتنتاب قضاة عدة، خصوصًا طريقة تعاطي القضاء مع قضايا الناس، وعلى قاعدة صيف وشتاء تحت سقف واحد”، مشيرًا إلى أن قردوحي تحدث عن حالات تكشف عن ازدواجية في التعامل مع الأشخاص، فهناك أشخاص محظيون وآخرون ليس لديهم سند ويطبق عليهم القانون بأشد مواده”.

وأكد دياب أن الحالة الاعتراضية موجودة وتنطلق من واقع معين، لكنه استدرك ليس بهذه الطريقة يعالج الخلل داخل القضاء، وليست هناك ثورة قضائية أو قضاة يقيمون ثورة ضد مرجعيتهم، والقاضي هو سلطة ولا يعبر عن الملفات أمامه إلا بالقرارات التي يصدرها.

ولاحظ أن استباحة وسائل التواصل الاجتماعي لإيصال رأي قاضٍ أمر غريب، مشبهًا أفعال قردوحي بتصرفات النائبة العامّة الاستئنافيّة في جبل لبنان القاضية غادة عون التي باتت تعبر عن مواقف سياسية أكثر مما تعبر عن واقع قانوني أو خلل في الملف القضائي .

توقيف عن العمل

وكان لافتًا في الأيام الماضية قرار وزير العدل هنري خوري توقيف عمل القاضي قردوحي طيلة فترة محاكمته أمام المجلس التأديبي وتقاضي نصف راتبه وتعويضاته طيلة فترة وقفه عن العمل. 

وعلّق قردوحي على قرار وزير العدل بالقول: “وسام جديد على صدري وقفي عن العمل.. برافو يا فاسدي القضاء وهنري خوري”، وأوضح أن “السبب الحقيقي كيف تجرأت وطلبت رد الرئيس الأول التمييزي سهيل عبود.. هني فراعنة فوق القانون”.

وتابع: “تغيبت عن العمل، وأنا غير معتكف وضد الاعتكاف بينما 450 قاضيًا معتكفين من أشهر.. والأجمل دون إبلاغي ولا استماعي.. اي عدنان عضوم هيدا الزمن العبودي نسبة لسهيل عبود”.

هيئات قضائية

وأفاد مصدر قضائي، رفض الكشف عن اسمه، بأن القضاء لا يحبذ ولا يرغب بهذا الأسلوب لذلك لجأ إلى أسلوب تأديبي بغض النظر إذا استند إلى وقائع قوية، مشيرًا إلى أن القضاء ينقي ذاته بذاته وهناك هيئات قضائية تعالج الخلل ويستطيع القاضي المعترض على واقع معين أن يراجع التفتيش القضائي أو مجلس القضاء الأعلى أو النائب العام التمييزي ويطلب تصحيح الخطأ أو الخلل.

وأوضح المصدر أن تمرد القضاة غير مقبول، وأعطى مثالًا عن القاضي مرسيل باسيل الذي صدرت بحقه توصية بطرده فاختار الأخير الطرق القضائية وليس الإعلامية أو وسائل التواصل الاجتماعي، واستأنف القرار أمام الهيئة العليا للمجلس التأديبي، ويفترض أن تسلك هذه القنوات ولا يعتمد التراشق الإعلامي.