في بلد يواصل انحداره في مؤشر حريات التعبير متوجهاً إلى أسفل الدرك وسط نظام بوليسي، أطلق الإتحاد الأوروبي ومؤسسة سمير قصير النسخة السابعة عشرة لجائزة “سمير قصير لحرية الصحافة” لتكون بارقة أمل لكل صحافي شاب لا يزال يؤمن بالحريات.
فرغم الأزمة الإقتصادية والإجتماعية وانفجار مرفأ بيروت بالإضافة إلى جائحة كورونا لا يزال بعض اللبنانيين يتمسكون بالحرية في وجه سلطة جائرة ولا يزال هناك من يقول ويردد “عسكر على مين”، العبارة التي رددها سمير قصير في وجه نظام الوصاية الذي كان يتحكّم بمفاصل البلد آنذاك.
قدوة للنضال
وأوضحت رئيسة مؤسسة سمير قصير، الإعلامية جيزيل خوري، أن جائزة سمير قصير تقدم أملاً للصحافيين الشباب وقدوة للنضال من أجل حرية التعبير التي هي أساس دولة القانون والديمقراطية.
وقالت لـ”بيروت توداي”: “المسابقة تقدم اسماً للمرشحين وجائزة للرابحين معترفاً بها دوليا، بالإضافة الى مبلغ مالي يساهم بالاعتراف بعملهم المميز”، معلنة أن الجائزة في نسختها السابعة عشرة تتميز بأن المواضيع متنوعة أكثر بسبب الظلم والأحوال المتردية في بلدان عربية عدة.
ورداً على سؤال عن وجود حرية في المنطقة والبلاد العربية، أجابت: “انت اكيد تمزح. أي حرية في العالم العربي بوجود معادلة: الأمن والحرية؟”
ويرى ناشطون أن الحرية في لبنان بخطر لأن هناك عودة لفترة مشابهة لمرحلة وجود النظام السوري في لبنان، لاسيما لناحية الملاحقات بحق الصحافيين أمام المحكمة العسكرية أو مخابرات الجيش، بالإضافة إلى استدعاء الصحافيين أمام مكتب مكافحة الجرائم المعلوماتية الذي يلزم إبرام الصحافيين والناشطين تعهدات اجبارية رغم عدم صلاحيته بالنظر في دعاوى الحريات.
الأمن مقابل الحرية
“في لبنان حتى العقد الاجتماعي المتعارف عليه الأمن والاستقرار مقابل الحرية انتهى”… بهذه الكلمات نعت خوري الحرية، وأضافت: “لا حرية ولا أمن ولا استقرار، وهذا ما يؤكد نظريتنا أنه من دون حرية لا استقرار على المدى البعيد”. وتابعت: “لو كانت هناك حرية لاكتُشفت النيترات وتخزينها أو قضية العنبر رقم 12 في مرفأ بيروت باكراً”.
وإذ شددت خوري على أن “الجائزة هي شعلة سمير قصير ولن تنطفئ”، رأت أن “هناك صحافيين أحراراً رغم أن العدد يخف سنة بعد سنة، في ظل عدم وجود حرية للصحافة أو للتعبير”، معتبرة أن “قانون الجرائم الالكترونية جريمة بحد ذاته”.
وكان الاتحاد الأوروبي ومؤسسة “سمير قصير”، أطلقا في مستهل شهر شباط الجاري النسخة السابعة عشرة من “جائزة سمير قصير لحرية الصحافة”.
جائزة تخلّد سمير قصير
وتُخلّد الجائزة التي يمنحها الاتحاد الأوروبي منذ العام 2006، ذكرى الصحافي والكاتب اللبناني سمير قصير الذي اغتيل العام 2005. وشارك في المسابقة خلال السنوات الماضية ما يزيد عن 3,000 صحافي من دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والخليج.
وحثّ سفير الاتحاد الأوروبي في لبنان، رالف طرّاف، عبر شريط فيديو عُرِض عبر شبكات التواصل الاجتماعي وشاشات التلفزيون، الصحافيين والصحافيات على المشاركة في المسابقة، وقال: “لنعمل معاً من أجل حرية التعبير والديموقراطية”.
فائزة أفضل تحقيق صحافي
الباحثة والصحافية الاستقصائية كارول كرباج، التي فازت بجائزة سمير قصير عن فئة “أفضل تحقيق صحافي” في العام 2009 قالت لـ”بيروت توداي”: “ربما غيّب الموت جسد سمير قصير، لكن رسالته تظل حاضرة عبر صحافة تسعى دائماً إلى محاسبة ومساءلة السلطة وكبار النافذين. وربما لم أستطع التتلمذ على يد قصير، لكن مسيرته كانت درساً في النضال من أجل حرية التعبير.”
وفي كلمة وجدانية شخصية تابعت: “للأسف، لم ألتقِ سمير قصير، كان من المفترض أن يُصبح أستاذي في الجامعة، إلا أن عبوة ناسفة فجرت سيارته ذات صباح، لتغيّر الكثير من معادلة الصحافة والسلطة في لبنان، وربما العالم العربي”.
وأشارت إلى أنه “في السنوات التالية، تخرجت من الجامعة واتجهت إلى الصحافة، ثم حصلت على جائزة تحمل اسمه، بعدما أنجزت أول تحقيق استقصائي مستقل”، تحت عنوان: “نساء لبنانيات وأجنبيات يؤجّرن أجسادهن… لترفيه الرجال”.
مقال أو تحقيق أو تقرير
و”جائزة سمير قصير لحرية الصحافة” مفتوحة أمام المرشحين من منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والخليج حتى 1 نيسان 2022. وتُمنح عن فئات: أفضل مقال رأي، وأفضل تحقيق استقصائي، وأفضل تقرير إخباري سمعي وبصري.
ويجب أن تتناول التحقيقات واحداً أو أكثر من الموضوعات التالية: دولة القانون، وحقوق الإنسان، والحكم الرشيد، ومكافحة الفساد، وحرية الرأي والتعبير، والتنمية الديمقراطية، والمشاركة المواطنية. ويحصل الفائز في كل فئة من الفئات الثلاث على 10 آلاف يورو.
وستتألف لجنة التحكيم من سبعة أعضاء مصوِّتين من وسائل إعلام عربية وأوروبية، وعضو مراقب واحد يمثل الاتحاد الأوروبي. وتُعلن أسماء أعضاء اللجنة في يوم حفلة توزيع الجوائز التي سيقام في بيروت في 1 حزيران 2022، عشية ذكرى اغتيال سمير قصير.