يعاني لبنان منذ فترة طويلة من أزمة اقتصادية حادة، ساهمت بتفاقم الأوضاع الاقتصادية بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة، وأصبحت الحاجة للمال والمواد الغذائية أكثر حدة من أي وقت مضى، ومن هنا جاءت زيادة حالات السرقة في البلاد، حيث يلجأ الكثيرون إلى هذه الجريمة لتلبية احتياجاتهم الأساسية.
ويشهد لبنان حالياً زيادة ملحوظة في أعداد السرقات، سواء كانت سرقات لمنازل أو محال تجارية أو سيارات، وتتميز هذه الجرائم بالعنف والقسوة في كثير من الأحيان، مما يؤدي إلى إصابة الكثير من الأشخاص بجروح خطيرة أو حتى الموت في بعض الحالات.
والجدير ذكره أن الأزمة الاقتصادية لم تؤثر فقط على الأوضاع المادية للناس، بل أثرّت أيضاً على الأوضاع النفسية والاجتماعية، وهو ما يدفع بعضهم إلى ارتكاب جرائم سرقة جنائية.
فقد أعلنت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، شعبة العلاقات العامة، عن نجاح مفرزة الجديدة القضائية في وحدة الشرطة القضائية، في الكشف عن هوية شخصين ينشطان في عمليات النشل على متن دراجة آلية استهدفت العديد من المواطنين في منطقة الرويسات، وأشارت المديرية إلى أنه تم القبض عليها بعد تحديد ومداهمة مكان تواجدهما.
وأكدت المديرية أن الشخصين الموقوفين لبنانيين، وهما (ع.ف) البالغ من العمر 23 عاماً، و(أ.ح) البالغة من العمر 21 عاماً، وقد اعترفا بإقدامهما سوياً على عدة عمليات نشل على متن الدراجة التي ضبطت معهم، وأن (ع.ف) اعترف بقيامه منفرداً بعدة عمليات نشل وبتعاطيه المخدرات.
كما قالت المديرية إن العديد من الضحايا الذين وقعوا ضحية أعمال المتهمين، تعرفوا عليهما واتخذوا بحقهما صفة الادعاء الشخصي، وتم تسليم الهواتف الخلوية المضبوطة لأصحابها، وأكدت المديرية أنه تم إحالة الموقوفين مع المضبوطات لإجراء المقتضى القانوني بحقهما.
ظاهرة الدراجات النارية والسرقات
تعتبر سرقة الممتلكات والمحافظ الشخصية على يد أشخاص يستقلون الدراجات النارية من أبرز المشاكل الأمنية التي تواجه المجتمع اللبناني. ويتمتع اللصوص بتلك الدراجات بمرونة وحرية أكبر في التحرك، مما يجعل من الصعب القبض عليهم.
وعادة ما يقوم اللصوص بتحديد هدفهم قبل ارتكاب الجريمة، حيث يستهدفون الأشخاص الذين يرتدون مجوهرات أو حقائب أو محافظ ويكونون في مكان عام، وبمجرد أن يتم تحديد الهدف، يتم القفز على الدراجة النارية والهروب بسرعة قبل أن يتمكن أحد من الأشخاص من اللحاق بهم.
تعد هذه الجرائم من الأكثر انتشاراً في المناطق الحضرية، خاصة في المناطق التي يتردد فيها الناس كثيراً، وتكون مزدحمة بالمارة والمركبات، وتزداد هذه الجرائم خلال فترات الازدحام المروري، مثل الساعات الذهبية وفترة الذروة.
حيث يتعين على الناس اتخاذ الإجراءات اللازمة للوقاية من هذه الجرائم، مثل تجنّب ارتداء المجوهرات الثمينة في الأماكن العامة، وتأمين المحافظ الشخصية والحقائب بشكل جيد.
تعاني الشرطة في لبنان من ضعف التجهيزات والإمكانيات، مما يجعل من الصعب عليها القيام بمهامها بكفاءة وفعالية، وهذا الأمر يؤدي إلى زيادة الضغط على الأمن الداخلي في البلاد. ويؤثر ذلك على قدرة الشرطة في متابعة هذه الجرائم نظراً إلى ازديادها. وفي حال تم القبض على هؤلاء المجرمين، هناك نقص في السجون ولم يعد هناك أماكن لاستقبال المقبوض عليهم.
اكتظاظ السجون اللبنانية
تشهد السجون اللبنانية اليوم اكتظاظاً كبيراً في أعداد المساجين المحتجزين فيها، ما يعد تحدياً كبيراً للسلطات اللبنانية، ويأتي ذلك نتيجة للأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعاني منها البلد، والتي دفعت العديد من الأشخاص إلى ارتكاب جرائم مختلفة من أجل الحصول على المال والمعيشة.
ونظراً لاكتظاظ السجون، يتم تبرئة معظم المتهمين بالسرقة بعد يوم أو يومين لأن لا أحد يتولى القضية، ولا السجون لديها القدرة على استضافة مجرمين جدد. وتعتبر السجون من أهم المؤسسات الحكومية التي تعنى بإعادة تأهيل المجرمين وإدارة عقوباتهم، ولكن عندما تصل السجون إلى الحد الأقصى من الطاقة الاستيعابية، فإن ذلك يمثل خطورة كبيرة على المجتمع بأسره.
احترافية سرقة السيارات في لبنان
تعتبر جرائم سرقة السيارات من أكثر الجرائم انتشاراً في الفترة الأخيرة في لبنان، وتتم هذه الجرائم بأشكال مختلفة، وتحدث عادة في الأوقات الليلية والمناطق النائية. تعتمد طريقة السرقة على نوع السيارة، فبعض السيارات القديمة يتم سرقتها بإزالة قفل الباب أو باستخدام الأدوات المناسبة لفتحها، بينما تتطلب السيارات الحديثة أساليب متطورة للغاية، مثل الحصول على برمجة أو الرمز الخاص بالسيارة، وغيرها من الأساليب التي يستخدمها اللصوص.
وعادةً ما يتم بيع السيارات المسروقة بأسعار منخفضة إلى جهات غير مشروعة، ويتم تغيير أرقام اللوحات والمعدات الأخرى لجعل السيارة غير معروفة، وبذلك يتمكن اللصوص من البقاء في الظلام وتجنّب العقاب. ويمكن تقليل فرصة السرقة عن طريق اتخاذ بعض الإجراءات الوقائية، مثل وضع قفل إضافي على السيارة، وتجنّب وضع المفتاح داخل السيارة وركنها في مكان آمن، وكذلك تركيب نظام أمان وإنذار على السيارة.
بشكل عام، يجب أن يتم تعزيز جهود الأمن والشرطة في مكافحة جرائم السرقة والحد منها، وكذلك تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في البلد لتقليل نسبة الجريمة بشكل عام. ويجب أن يكون هناك تعاون بين المواطنين والأجهزة الأمنية للتصدي لجرائم السرقة والحفاظ على أمن وسلامة المجتمع.