فور اكتشاف أي حالة كورونا في كل من الإدارات أو المؤسسات العامة وبين فرق الإسعاف الأولي، يُعلن مباشرة تعليق الأعمال في المؤسسة المعنية بشكل مؤقت، ليتم إخضاع المخالطين لفحوص الـPCR ويطلب منهم التزام الحجر المنزلي ل14 يوما على الأقل. هذا الأمر البديهي الذي يجب أن يحدث في حال تعرض أفراد أي مؤسسة لجائحة كورونا، إلا في الجامعة اللبنانية.
يصّر رئيس الجامعة اللبنانية فؤاد أيوب وعدد من العمداء والمديرين على اجراء الامتحانات الخطية للطلاب بأي ثمن كان، فلم يتردد لحظة مدير الفرع الأول لكلية العلوم ياسر مهنا في اصدار بيانٍ ينفي فيه انتقال العدوى لإحدى الطالبات من داخل حرم الكلية، مبررا ذلك بأنَّ فترة حضانة الفيروس هي ”أكبر بكثير“ من 36 ساعة!
الفضيحة تكمن بأن بيانا كهذا قد صدر عن مدير كلية معنية بـ”العلوم“، وفيها عشرات الأساتذة الكفوئين ممن كان يمكن لمهنا أن يستشيرهم قبل أن يصدر بيانه المتضمن مغالطات علمية لا ينبغي أن تصدر عن مدير كلية سبق له أيضا أن ترأس قسم الفيزياء وتولى إدارة مختبر ”حسن كامل الصباح“ العلمي التابع لكلية العلوم وأشرف على عشرات الأبحاث وعلى طلبة دكتوراه في الجامعة.
أصدر مهنا بيان ردّ فيه على ما تم تداوله على شبكات التواصل الاجتماعي حيث نشر أحد الطلاب خبر إصابة طالبة في الفرع الأول من كلية العلوم بعدوى كورونا، مؤكدا بأن الطالبة كانت حتى يوم الأربعاء 20/7/2020 ملتزمة الحجر المنزلي لكونها تعاني من نقص في المناعة وتخاف من تعرضها لأي مرض معدي يمكن أن يفتك بها. ورجّح هذا الطالب بانتقال العدوى لها إما خلال تنقلها من منزلها إلى حرم الكلية أو داخل الكلية.
فيما أشار مهنا أن ”امتحانات الفرع بدأت يوم الأربعاء الواقع فيه 2020/7/22 بينما صدرت نتيجة فحص الـ(PCR) الذي أجرته الطالبة يوم الجمعة 2020/7/24، مما يعني أنه من المستحيل من الناحيتين العلمية والطبية، أن تكون الطالبة قد التقطت العدوى في الجامعة لتظهر عليها عوارض المرض خلال أربع وعشرين ساعة أو 36 ساعة، حتى لو كانت، كما نُمِيَ إلينا، تعاني من نقص في المناعة، هذا لأن فترة حضانة الفيروس قبل ظهور العوارض أكبر بكثير.“
كان يكفي لمهنا، إن لم يرد استشارة أي من الأساتذة الأكفاء في كلية العلوم أو الكليات العلمية الأخرى، أن يدخل على موقع منظمة الصحة العالمية ليعرف ان فترة الحضانة تتراوح بين يومين و14 يوما، وقد تظهر العوارض بشكل سريع في حالة ضعف المناعة عند الإنسان، لتكون الاستحالة العلمية والطبية لإمكانية انتقال العدوى للطالبة داخل حرم الكلية لا أساس علمي لها.
أجرت الطالبة امتحاناتها في قاعة المكتبة المجهزة بفواصل بين الطلاب الذين جلسوا بشكل مائل، ما يجعل احتمال احتكاك الطالبة بزملائها غير قائم البتة بحسب بيان مهنا. إلا أن التبريرات غير العلمية لم تتوقف عند هذا الحد، فلدى مهنا ”الثقة الكاملة“ بأن العدوى لم تنتقل إلى الطلاب الثلاثة الذين كانوا جالسين بجوار الطالبة المصابة، الا أنه سيجري لهم فحص الـ PCR ”لمزيد من الاطمئنان“.
الاستهتار في صحة الطلاب، وضرب كل معايير الصحة والسلامة والوقاية بعرض الحائط تتسلل لتصل لكليات أخرى في الجامعة اللبنانية، كالفرع الخامس من كلية العلوم الاقتصادية وإدارة الأعمال التي قررت بسبب ”التطورات اليومية فيما يتعلق بتفشي فيروس كورونا مجتمعيا، وازدياد أعداد المصابين محليا، وحفاظا على سلامة الطلاب التي تعتبر أولويتها“ أن تقرّب موعد إجراء امتحانات المقررة يوم الأربعاء لتتم يوم الثلاثاء في الأوقات ذاتها، وذلك نظرا لتوجه الحكومة لاتخاذ تدابير وإجراءات جديدة صباح يوم الأربعاء.
بمعنى أوضح، وبحسب بيان نشره مجلس طلاب الفرع، ادارة الكلية تعي تماما أن حالات كورونا الى ازدياد سريع وبشكل يومي. إلا أنها وحرصا منها على سلامة الطلاب بحسب ما تدعي تريد الانتهاء من إجراء كافة الامتحانات، وستبقى على الامتحانات المقررة يوم الثلاثاء وتجري في اليوم نفسه الامتحانات المقررة يوم الأربعاء، وذلك قبل احتمال الإغلاق العام للبلاد يوم الأربعاء.