كان من المتوقّع أن يكون فيلم “Ant-Man and the Wasp: Quantumania”، أحدث أفلام مارفل استديو، مقدمة لقصة أكبر ننتظرها في ختام المرحلة السادسة لحرب الأكوان الموازية. لكن، ومع الأسف لم يكن التوقّع صائباً، بقدر ما كان مفاجئاً مثلما تفاجئ إيمورتوس عندما عبّر عن استيائه من النهاية غير المتوقّعة لكانغ الغازي، مختصراً كل ذلك بثلاث كلمات: “لقد فعلوا ذلك!”.
عندما قدم الاستديو لقصة “Ant-Man3” الذي يأتينا من المخرج بيتن ريد، بالمناسبة هو الرجل ذاته الذي أشرف على الجزأين السابقين، على عكس طاقم الكتابة الذي شهد تغيّراً في الأسماء. إذن، عندما قدّم الاستديو للفيلم، ذكّر الجمهور بأن عليهم مشاهدة أربعة أفلام إلى جانب مسلسل “Loki”، وجميعها تدور في عالم مارفل للأكوان الموازية. لكنني أرى أنه يمكن تجاوز ذلك بمشاهدة الجزأين السابقين، والمسلسل الخاص بإله الشغب والأذى لوكي (توم هيدليستون)، ونسخه المتنوّعة والمختلفة، وهو المسلسل الذي مهد الطريق لحرب الأكوان الموازية.
مختصراً للجزأين السابقين، يدور الجزء الأول حول العالم هانيك بيم (مايكل دوغلاس)، ونظيره العالم الشرير دارين كروس (كوري ستون). يومها شاهدنا الظهور الأول لسكوت لانغ بشخصية الرجل النملة (بول رود)، وعرفنا أن جانيت فان داين/المرأة الدبور (ميشيل فايفر) قد احتجزت داخل عالم الكم بعدما فشلت في العودة من مهمتها. بينما أكمل الجزء الثاني القصة، حيث ينجح التعاون بين بيم وابنته هوب فان داين/المرأة الدبور (إيفانجلين ليلي) ولانغ بإعادة جانيت إلى عالمها الأصلي، بعد مرور 30 عاماً على وجودها في عالم الكم استطاعت فيها الحصول على الأعداء قبل الأصدقاء.
يربط المشهد الافتتاحي للفيلم بقصة الجزأين السابقين، تقود الصدفة إلى وصول جانيت وكانغ الغازي (جوناثان ميجور) إلى عالم الكم في وقت واحد. تكون مركبة كانغ الغازي محطمة، وهو مصاب بعد خسارته نواة التنقل بين الأكوان. وفيما تكون جانيت تائهة، تسمع أنيناً لشخص يسألها: “ما هذا المكان؟”، هو مشهد فلاش باك يأتينا من حلم يُراود جانيت في عالمها الأصلي. ويظهر في المشهد الثاني لانغ يروج لكتابه الجديد “Look Out For The Little Guy”، بالمناسة الكتاب متخيّل يروي مذكرات سكوت لانغ مع الآفنجرز، وسيصدر رسمياً في أيلول (سبتمبر) القادم.
بالتأكيد هناك جانب من الفيلم مرتبط بقصة “Avengers: Endgame”. الهدف الأول منه يدور حول تعامل لانغ مع ابنته كاسي (كاثرين نيوتن) بعدما احتجز هو الآخر في عالم الكم لمدة خمس سنوات، وهي الفترة الزمنية للومضة التي سببها ثانوس في أثناء حربه مع الآفنجرز؟ والهدف الثاني يخدم القصة بالتذكير أنه من الآفنجرز. يكتشف لانغ في بداية الفيلم أن ابنته تحوّلت إلى ناشطة اجتماعية تدافع عن المشردين في لوس أنجلوس، وفي نهايته يرى كيف أصبحت بطلة خارقة بعدما حصلت على بدلة المرأة الدبور.
تبدأ أحداث الحركة والإثارة في الفيلم عندما أراد بيم وكاسي إخبار أفراد العائلة باكتشافهم طريقة للسفر والعودة من عالم الكم، لكن ومضة سريعة تمتص جميع أفراد العائلة إلى هذا العالم المتنوّع والمختلف، والمليء بالمؤثرات البصرية (CGI) التي كانت هي الأخرى بعيدة عن التوقّعات. مؤخراً أصبح هذا الأمر مفهوماً بعدما أوضح فريق المؤثرات البصرية الخاص بالفيلم أنهم واجهوا مشاكل في الميزانية، بالإضافة إلى إعطاء الاستديو الأولوية لأفلام أخرى، من بينها الفيلم الختامي للمرحلة الرابعة “Black Panther: Wakanda Forever”. لم يكن فيلماً، بل كان مرثية الاستديو للاحتفاء بإرث الراحل شادويك بوسمان (1976 – 2020).
تتحوّل قصة “Ant-Man3” بعد امتصاص الومضة لأفراد العائلة إلى عالم الكم. وهناك تفترق العائلة، كاسي ولانغ من طرف يضعهما في مواجهة كانغ الغازي، وبيم وجانيت وهوب من طرف يجعلهم يتحالفون مع المتمردين. يلبي هذا الفراق حاجة القصة التي تريد مارفل روايتها – من وجهة نظر فريق كتابتها – ومن خلال لقطات الفلاش باك الجديدة تركّز القصة على العائلة، وطريقة تعاملهم مع ماضيهم المجهول فيما بينهم. كما نسمع من كانغ الغازي قصة جديدة عن “مجلس نسخ كانغ” قريبة من التي استمعنا إليها من نسخته الأولى “الباقي” في “Loki”. هكذا نجد أن القصة تدور أكثر حول تصحيح أخطاء الماضي للانغ وجانيت معاً.
فعلياً، لا تختلف قصة أو تسلسل أحداث الفيلم عن أفلام مارفل الأخرى، وبطبيعة الحال هذا أمر ليس بجديد على أعمال السوبر هيرو. دائماً نشاهد كيف تأخذ هذه القصص تسلسلاً واحداً للأحداث ينتهي بنفي أو هزيمة أو موت الأشرار الخارقين. يمكنني التذكير هنا بأن سلسلة أمازون استديو “The Boys” المختلفة في قصتها عن أعمال السوبر هيرو المعتادة قد نجحت بكسر الصورة التقليدية التي اعتدنا رؤيتها في مثل هذه الأعمال، وهي تشق طريقها بنجاح لبناء عالم خاص بالسوبر هيرو المصابين بجنون العظمة. لكن هذا لا يعني عدم وجود أعمال نجحت رغم مسار قصتها التقليدي، من بينها بالتأكيد سلسلة الآفنجرز.
ومع ذلك، فإن المشكلة ليست مرتبطة بالقصة فقط، يبرز أيضاً اختيار الشخصيات الشريرة الرئيسية أو الثانوية أولاً، وتصميم شخصية مودوك الشرير ثانياً، بالإضافة طبعاً الحوار وتصميم المعارك. صحيح أن الفكاهة والكوميديا جزء رئيسي من عالم السوبر هيرو، لكن أن تكون شريراً عليك أن تكون مقنعاً لا أن يكون ظهورك الأول باهتاً، والحديث هنا عن العالم كروس الذي تحوّل إلى شخصية مودوك الشرير بعدما وجده كانغ الغازي في عالم الكم. حقيقة ذكّرتني نهايته بنهاية الأشرار في فيلم “Spider-Man: No Way Home”، ومن الواضح أن هذا الظهور كان هدفه منح كاسي خصماً لتقديمها كبطلة خارقة، لكن مودوك لم يكن خياراً مناسباً.
كان مودوك قد حصل سابقاً على مسلسل الرسوم المتحركة الخاص به، لكن ظهوره في “Ant-Man3” هو الأول على الشاشة الكبيرة. ومع ذلك، لم يمنح فريق الكتابة هذه الشخصية حقها في الانتقام من بيم ولانغ، ولذلك فشل مودوك بالحصول على فرصة لإثبات ذاته كشرير خارق، مقدماً أداءاً سيئاً من ناحيتي تصميم الشخصية والقتال، يضاف إليهما حوار غير مقنع على الإطلاق. من المعروف أنه يملك عقلاً يشبه الكومبيوتر يجعله يعالج البيانات ويخزنها بسرعة تصل إلى 100 ألف كم في الثانية، بالإضافة إلى تحكمه بالأشخاص. هو بالأساس عقل مصمم للتخطيط والقتل فقط. ورغم كل هذه القوى الخارقة يتحوّل في النهاية من شرير إلى بطل خارق يظن نفسه أنه من أعضاء الآفنجرز! أي نهاية حزينة حصلت عليها يا عزيزي مودوك!
ترتبط القصة أكثر بكانغ الغازي وعائلة لانغ. سريعاً، كانت النهاية غير مقنعة، كانت سيئة جداً، لدرجة أنها من أسوء النهايات في تاريخ أفلام مارفل، على عكس مشهدي ما بعد النهاية، ولذلك أعتقد أن القصة الأكبر تبدأ مع مشهدي ما بعد النهاية، والحديث الذي يدور بين أعضاء “مجلس نسخ كانغ”. لكن قبل المشهدين، يوجد مشهد النهاية الرئيسي للفيلم بتمكن لانغ وهوب من العودة إلى عالمها الأصلي بعد أن ظنا أنهما احتجزا داخل عالم الكم. دائماً ما تمنح مارفل أبطالها وبطلاتها نهايات سعيدة تشبه نهايات هوليوود الكلاسيكية. وفي النهاية، ما فائدة اكتشاف بيم وكاسي إن لم ينجح؟ أو يساعد في القضاء على كانغ الفاتح دون مساعدة الآفنجرز؟
بالتأكيد، لم يكن خياراً مناسباً أن تتمكن عائلة لانغ لوحدها من هزيمة كانغ الغازي، بالأساس العائلة لا تملك تاريخاً حافلاً في عالم مارفل السينمائي، باستثناء لانغ الذي قاتل مع الآفنجرز، ويملك الكثير من الفخر بسبب اصطفافه إلى جانب كابتن أميركا في فيلم “Captain America: Civil War”. بينما يعرف الجمهور كانغ الغازي من القصص المصوّرة، وهو يكنى بـ”المنفي” نسبة إلى قرار “مجلس نسخ كانغ”. يُعرف أيضاً بأنه من أقوى أشرار مارفل، فهو يستطيع السفر عبر الزمن والتلاعب بالوقت، وإرادته لا يمكن قهرها، قام باستخدام قوته لغزو وحكم أكبر عدد من الأكوان، يعترف للانغ بأنه قتل الكثير من الآفنجرز عندما غزا الأكوان الأخرى. باختصار إنه النسخة الأشد عنفاً ودموية من ثانوس.
ومع ذلك، كل هذه القوى الخارقة التي جعلت منه أداة إبادة ومجازر جماعية متنقلة بين الأكوان الموازية تمكنت عائلة واحدة وقصة عادية جداً من هزيمتها. هكذا انتظرنا القصة الأكبر حتى عرض مشهدي ما بعد النهاية، وهو ما يجعلنا نرفع سقف توقعاتنا لنهاية ملحمية في الفيلم المرتقب “Avengers: The Kang Dynasty” بعد عامين، يبدو ذلك واضحاً من حديث كانغ الغازي: “الأمر لن ينتهي أبداً”. يذكّرنا هذا بحديث “الباقي” عن نشأة “مجلس نسخ كانغ” في “Loki”، وما تبعها من تأكيد أن قتله سيؤدي إلى “تعرض الخط الزماني المقدس إلى ثغرات اختراق وحروب كونية متعددة”.
لذلك، أرى أن التقديم للقصة الأكبر يبدأ في المشهد الأول لما بعد النهاية بظهور ثلاثة أعضاء من “مجلس نسخ كانغ”: آما توت، إيمورتوس، وسكارليت سينتوريون، وفي المشهد الثاني يظهر فيكتور تايملي، طبعاً جميعهم شاركوا بنفي كانغ الغازي إلى عالم الكم لخوفهم من قوته. لكن الواضح أن إيمورتوس أكثرهم استياءً من فكرة أن الغازي كان بحاجة لاثنين لقتله، بينهم واحد من الآفنجرز، وأنهم تمكنوا من ملامسة عالم الكم. يقول إيمورتوس: “إذا سمحنا لهم بذلك، فسيأخذون كل ما بنيناه. لذلك دعونا نتوقف عن إضاعة الوقت”. أتوقع أن يكون إيمورتوس مدفوعاً بالاستياء والحقد والانتقام لكانغ الغازي هو الشخصية التالية التي ستظهر في الأعمال القادمة.
كذلك، لم تقدم القصة تفسيراً لأسباب اتخاذ “مجلس نسخ كانغ” قرار نفي كانغ الغازي إلى عالم الكم، وما الأسباب التي جعلت آلة القتل هذه تقود التمرد على المجلس وتبدأ رحلة تدمير الأكوان الموازية. حتى لم نفهم سبب عدم حديث جانيت عن لقائها كانغ الغازي في عالم الكم، وأنه يستعد لغزو كونهم. هناك الكثير من الأسئلة التي لم يجب عنها الفيلم، صحيح أنه ليس المطلوب تقديم إجابات في جميع الأفلام، لكن تفسير الأسباب الخاصة بكانغ الغازي يبدو مهماً لفهم مسار القصة. وهنا أود التنويه لأداء ميجور الرائع في الفيلم، والذي سيعود للظهور بشخصيات جديدة من “مجلس نسخ كانغ” في الأعمال الأخرى.
قدم ميجور شخصية “الباقي” المسؤول عن سلطة تباين الزمن (TVA) للأكوان الموازية في “Loki”، حيث ظهر في الحلقة الأخيرة فقط، ومع ذلك قدم أداءاً اعتمد فيه على الحوار وحركات الجسد، كانت الشخصية صاخبة ومستهترة، ساخرة ومتلاعبة، متميزة في طريقة سردها لبداية حرب الأكوان الموازية. وفي “Ant-Man3” عاد ليقدم شخصة أخرى من “مجلس نسخ كانغ”، مختلفة في أفعالها عن “الباقي”، شخصية مصابة بجنون العظمة، والاضطرابات النفسية المدفوعة بتدمير الأكوان الموازية، أحكامها حاسمة تنتهي بالموت أو الموت أيضاً. وفي النهاية، مات مقتولاً في العملين.
على سبيل الخاتمة
دائماً ما يتحفّظ الاستديو على أحداث أي فيلم أو مسلسل يدخل مرحلة ما قبل/أو الإنتاج، لكن ذلك لا يمنعنا من ملاحظة أنه بدأ التأسيس لفرقة جديدة من الآفنجرز، وهي “Young Avengers”. من المتوقّع أن تضم هذه الفرقة مجموعة من الأسماء، من بينها بالتأكيد كاسي، جنباً إلى جنب مع كيت بيشوب (هيلي ستاينفيلد)، كابتن مارفل (بري لارسون)، السيدة مارفل (إيمان فيلاني)، أميركا تشافيز (زوتشيتل غوميز)، ويمكن أن تكون شوري/النمر الأسود من بينهنّ أيضاً. وعلى المستوى الشخصي أود المغامرة بتوقّع انضمام سيلفي/لوكي (صوفيا دي مارتينو) إلى الجوقة، النسخة النسائية الأكثر تلاعباً وشغباً من نسخة لوكي التي نعرفها.
للأمانة هناك الكثير من الأسماء نتوقّع عودتها في القصة الأكبر التي يرعاها مدير الاستديو كيفن فايغي. في هذا الجانب أرجح ظهوراً خاصاً لشخصية سيرسي (جيما تشان) من فيلم “Eternals”، بالرغم من أنه الفيلم الأقل تقييماً بين أفلام الاستديو، إلا الشخصية تمتلك كل الصفات التي تبرر ظهورها في هذه الملحمة مستقبلاً. تُعرف بأنها متعاطفة مع البشر، وصاحبة قوى سحرية. لكن قواها الحقيقية مرتبطة بصلاتها المختلفة بالبشر والأرض والعالم. وطبعاً لن ننسى واندا ماكسيموف بأُناها المتغيّرة سكارليت ويتش (إليزابيث أولسن)، هل هناك أحد لا يرغب بمشاهدتها مرة أخرى بعد نهايتها غير العقلانية في “Doctor Strange2″؟ لا أعتقد ذلك.